خفوت شوقهم وتطلعهم إلى الحياة البرزخية، بل يريدون هذه الحياة، إذ يجدون فيها نوعاً من ثمار الآخرة.

السادسة: وهي المنزلق الذي يقع فيه قسم من سالكي الطرق الصوفية من غير أهل الحقيقة عندما يلتبس عليهم الأمر فيتوهمون بأن ظِلال مقامات الولاية ونماذجها المصغرة كأنها هي المقام الحقيقي والكلي والأصلي.

ولقد أثبتنا في الغصن الثاني من «الكلمة الرابعة والعشرين» وفي «كلمات» أخرى بما لاشك فيه؛ أن الشمس وإن تعددت صورُها بتعدد المرايا التي تنعكس عليها، فهذه الصور تملك ضياءَ الشمس وحرارتها ولكن ليس هو الضياء الأصلي نفسه، ولا هي الحرارة نفسها فهي باهتة الأنوار بالنسبة للشمس الحقيقية.

كذلك فإن لمقام النبوة ولمقام كبار الأولياء، شيئاً من الظلال التي يمكن لأهل الطرق أن يستظلوا بها، ولكنهم يظنون أثناء دخولهم فيها أنهم أعظم درجة من كبار الأولياء، بل حتى من الأنبياء -والعياذ بالله- فيسقطون في مزلق.

ولإنقاذ أنفسهم من جميع هذه المزالق المذكورة سابقاً عليهم أن يضعوا أصول الإيمان وأسس الشرع نصبَ أعينهم ويتخذوها مرشداً دائماً لهم، وأن يخالفوا أذواقهم ومشهوداتهم ويتهموها عند تعارضها مع تلك الأسس.

السابعة: وهي المزلق الذي يقع فيه قسمٌ من أهل الأذواق والأشواق من أصحاب الطرق عندما ينصرفون إلى الفخر والإدعاء وإشاعة الشطحات وطلب توجّه الناس ونيل المرجعيات الدينية، ويفضلون هذه العجالات على الشكر والتضرع والحمد والاستغناء عن الناس، بينما عبودية محمد ﷺ هي أسمى مرتبة في العبودية، تلك العبودية التي نستطيع وصفها بالمحبوبية، أو عبودية المحبة.

فأساس العبودية وسرُّها هو التضرع والحمد والدعاء والخشوع والعجز والفقر والاستغناء عن الناس، وبهذا فقط يمكن الوصول إلى كمال تلك الحقيقة، حقيقة العبودية.

نعم إنَّ عدداً من الأولياء الكبار اضطروا -دون اختيار منهم لغلبة الحال وبشكل موقت فقط- إلى الخروج إلى ساحة الفخر والطلب والشطحات، لذا فلا يجوز اتّباعهم اختياراً

Yükleniyor...