بينما سيدنا الرسول ﷺ الذي هو صاحب الدين والشريعة الإسلامية هو فخر العالم وسيد العالمين، وأصبح كلٌّ من الشرق والغرب والأندلس والهند عرشاً من عروش سلطانه، فكما أنه ﷺ قد بين -بذاته- أسسَ الإسلام، فإن فروع ذلك الدين ودساتير أحكامه، بل حتى أصغر أمر جزئي من آدابه هو الذي أتى به، وهو الذي يخبر عنه وهو الذي يأمر به، بمعنى أن الأمورَ الفرعية في الشريعة الإسلامية ليست على صورة لباسٍ وثياب قابلة للتغيير والتبديل. بحيث لو بدّلت لظلت أسس الدين ثابتة، بل إنها جسد تلك الأسس وفي الأقل جلدها. إذ قد امتزجت والتحمَت معها بحيث لا تقبل التفريق والفصل. وأن تبديلها مباشرة يؤدي إلى تكذيب صاحب الشريعة وإنكاره.
أما اختلاف المذاهب فقد نشأ من أسلوب فهم الدساتير النظرية التي بيّنها صاحب الشريعة. والدساتير التي هي «المُحكمات» والتي تسمى بالضروريات الدينية، فلا تقبل التأويل، ولا التبديل قطعاً بأي صورة كانت من الصور، ولن تكون موضع اجتهاد أبداً. فمن بدّلها فقد خرج على الدين وكان ضمن القاعدة: «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من القوس». (15)
إنَّ أهل البدع لأجل تبرير إلحادهم، وخروجهم على الدين يجدون هذه الوسيلة، إذ يقولون: «لقد شُنّ هجوم على القسس والرؤساء الروحانيين ومذهب الكاثوليكية، الذي هو مذهبهم الخاص، وتم تخريب هذا المذهب في أحداث الثورة الفرنسية التي أدت إلى سلسلة من
Yükleniyor...