فأَدّت تلك الرسالة دورَها في تطهيره من لَوثاتٍ معنوية وكدورات الأوهام والشبهات والغفلة، حتى كأنه قد ارتفع إلى ما يشبه مرتبةَ الولاية. حيث أظهر ثلاث كرامات ظاهرة في رسالته التي كتبها إليّ قبل وفاته، وقد أدرجتُ رسالته تلك ضمن فقرات «المكتوب السابع والعشرين». فليراجَع. (19)

المثال الثالث: كان لي أخ في الآخرة وطالبٌ في الوقت نفسه وهو من أهل القلب والتقوى هو «السيد حسن أفندي» من مدينة «بوردور». (20) كان ينتظر من هذا المسكين مدَداً وهمّة كمن ينتظر من وليٍّ عظيم، وذلك لفرط ظنه الحسَن بي بما هو فوق طوقي وحدي. وفجأة ودون مناسبة، أعطيتُ لأحد ساكني قرى «بوردور» رسالة «الكلمة الثانية والثلاثين» ليطالعها. ثم تذكرت «السيد حسن» فقلت: إنْ سافرتَ إلى «بوردور» فسلّم الرسالة إلى «السيد حسن» ليطالعها في بضعة أيام. سافر الرجل، وقد سلّم الرسالة مباشرة إلى السيد حسن، قبل أن يوافيه الأجل بأربعين يوماً.

تسلّم الرسالة بشوق ولازَمها بلهفة ونهَل منها كالمتعطش إلى الماء السلسبيل، وكلّما كرر مطالعتَها استفاض منها فيوضات فاستمر في القراءة، حتى وجد فيها دواءً لدائه ولا سيما في مبحث «محبة الله» في الموقف الثالث منها، بل وجد فيها فيوضات كان ينتظرها من القطب الأعظم. فذهب بنفسه سالماً صحيحاً إلى الجامع وأدى صلاته ثم سلّم روحَه هناك. رحمه الله رحمة واسعة.

المثال الرابع: إن «السيد خلوصي» قد وجد همة ومدَداً وفيضاً ونوراً في «الكلمات» التي هي ترجمان الأسرار القرآنية، أكثر مما وجده في الطريقة النقشبندية التي هي أهم طريقة وأكثرها تأثيراً. وقد ذكرتُ شهادته هذه في «المكتوب السابع والعشرين». (21)

المثال الخامس: إنَّ أخي «عبد المجيد»، قد شعر بانهيار واضطراب شديدين بسبب انتقال ابن أخي «عبد الرحمن» إلى رحمة الله. ولأحوال أليمة وأوضاع محزنة ألَمّت به. كان يأمل مني ما لا أقدر عليه من همة ومدد معنوي. ومع أني ما كنت أتراسل معه، إلّا أنني بعثتُ


Yükleniyor...