(منها الغصن الثالث من الكلمة الرابعة والعشرين والغصن الرابع منها، والأساس الخاص بأقسام الوحي في مقدمة المكتوب التاسع عشر).

والحقيقة هي أنَّ الملائكة لا ينحصرون في صورة معينة واحدة كالإنسان، وإنما هم في حُكم الكلي، رغم أن لهم تشخصاتهم. فعزرائيل عليه السلام هو ناظر الملائكة الموكّلين بقبض الأرواح ورئيسُهم.

سؤال: هل عزرائيل عليه السلام هو الذي يقبض الأرواح بالذات، أم أن أعوانه هم الذين يقبضونها.

الجواب: هناك ثلاثة مسالك بهذا الخصوص:

المسلك الأول: أنَّ عزرائيل عليه السلام هو الذي يقبض روحَ كل فرد. فلا يمنع فعلٌ هنا فعلاً هناك؛ لأنه نوراني، والشيء النوراني يمكنه أن يحضر ويتمثلَ بالذات في أماكنَ غير محدودة، بوساطة مرايا غير محدودة. فتمثلات النوراني تملك خواصّه. وتعتبر عينَه وليست غيرَه. فتمثلات الشمس في المرايا المختلفة مثلما تُظهر ضوءَ الشمس وحرارتها، فإن تمثلات الروحانيين –كالملائكة- تُظهر أيضاً خواصَّها في المرايا المختلفة في عالَم المثال، فهي عينُ أولئك الروحانيين وليست غيرَهم. فالملائكة يتمثلون في المرايا حسب قابليات المرايا، فمثلاً:

عندما كان جبرائيل عليه السلام يتمثل أمام الرسول ﷺ في مجلس الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في صورة الصحابي «دحية الكلبي» (8) كان يتمثل في اللحظة نفسها في ألوف الأماكن في صور مختلفة، كما يسجد تحت العرش الأعظم مُطبقاً الآفاقَ بأجنحته الواسعة المهيبة شرقاً وغرباً، (9) فله إذن تمثّلٌ في كل مكان حسب قابلية ذلك المكان، وله حضورٌ في آن واحد في ألوف الأماكن.

وهكذا، فحسب هذا المسلك: ليس محالاً قط، ولا هو بأمر فوق المعتاد، ولا هو أمر غيرُ معقول، أن يتعرضَ مثالُ ملَك الموت المتمثل للإنسان عند قبض روحه -وهو مثال جزئي إنساني- إلى لطمةِ سيدنا موسى عليه السلام وهو الشخصية العظيمة المهيبة من أولي العزم من الرسل، ثم فقؤه لعين تلك الصورة المثالية لملَك الموت، الذي لبس زيّ تلك الصورة.


Yükleniyor...