ولقد وجدتُ -في وقت ما- أن هناك حاستين في الإنسان والحيوان من غير الحواس الظاهرة والباطنة -وهما حاستان من قبيل الحس قبل الوقوع- وهما حاسة «السائقة» وحاسة «الشائقة» كحاستي «الباصرة» و «السامعة» من الحواس المشهورة. أي؛ حاسة تدفع وأخرى تشوّق.

ويطلق أهل الضلال والفلسفة على تلك الحواس غير المشهورة لحماقتهم خطأً اسم «الدافع الطبيعي».. كلا .. إنها ليست دافعاً طبيعياً، بل نوع من إلهام فطري، يسوق به القَدر الإلهي الإنسان والحيوان.

فمثلاً: القط وما شابهه من الحيوانات، عندما يفقد بصرَه يفتش بذلك الدفع القدري عن نوع معين من النبات ويضعه على عينه ويشفى من المرض.

وكذلك النسر وما شابهه من الطيور الجارحة الآكلة للحوم -الموظفات الصحيات لتنظيف سطح الأرض من جثث حيوانات البراري- هذه الطيور تعلم بوجود جثةِ حيوانٍ على مسافة يوم، وتجدها بذلك السَوق القَدري، وبإلهام الحس قبل الوقوع.

وكذلك صغير النحل الذي لم يمر عليه إلّا يوم واحد، يطير إلى مسافة يوم كامل في الهواء ثم يعود إلى خليته دون أن يضيّع أثره، وذلك بالسَوق القَدري، وبإلهام ذلك السَوق والدفع.

حتى إن كل إنسان قد مرّ بلا شك بكثير من الوقائع المتكررة. فهو عندما يذكر اسمَ شخص ما، إذا بالباب ينفتح ويدخل الشخص المذكور، من غير أن يتوقعوا قدومَه. حتى قيل في الأمثال الكردية:

ناڤ گر بينه پالاندار لى ورينه

أي؛ حالما تذكر الذئب، هيئ الهراوة، فالذئب قادم.

بمعنى أن اللطيفة الربانية -بحس قبل الوقوع- تشعر بمجيء ذلك الشخص إحساساً مجملاً، ولكن لعدم إحاطة شعور العقل به، فإن الشخص ينساق إلى ذكر ذلك الشخص دون قصد واختيار.


Yükleniyor...