نعم، يا أخي! لقد اعتدنا أن نتذاكر معاً درسَ الحقيقة المحضة، لذا فإن بحث الرؤى التي بابُها مفتوح للخيالات بحثاً علمياً لا يلائم مسلك التحقيق العلمي ملائمةً تامة. ولكن لمناسبة تلك الحادثة الجزئية في النوم، نبين ست نكات تخص النوم الذي هو صنو الموت. نبينها بياناً علمياً مبنياً على القواعد والدساتير، مستنبطة من الحقيقة بالوجه الذي تشير إليه الآيات القرآنية، ونورد في النكتة السابعة تعبيراً مختصراً لرؤياك.

النكتة الأولى:

إنَّ آياتٍ كثيرةً في القرآن الكريم مثل: ﹛﴿ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ﴾|﹜ (النبأ: ٩).. وكذلك الرؤيا التي رآها يوسف عليه السلام -التي هي أساس مهم لسورة يوسف- تبين أن حقائق جليلة تستتر وراء حُجبٍ في النوم والرؤيا.

النكتة الثانية:

إنَّ أهل الحقيقة لا يحبذون استخراج الفأل من القرآن الكريم. ولا يميلون إلى الاعتماد على الرؤيا: لأنَّ القرآن الكريم يزجر الكفار بكثرة زجراً شديداً، وقد يقابل المتفئل بالقرآن تلك الآيات الزاجرة فتورثه اليأسَ ويضطرب قلبُه ويقلق.

وكذا الرؤيا قد تظهر بما يخالف الواقع والحقيقة فيتصورها الإنسان شراً رغم أنها خير، فتدفعه إلى سوء الظن والسقوط في اليأس، ونقضِ عرى قواه المعنوية. فهناك كثيرٌ من الرؤى ظاهرُها مخيف، مضر، قبيح، إلّا أن تعبيرها حسن جداً، ومعناها جميل. وحيث إنَّ كل إنسان لا يستطيع أنْ يجد العلاقة بين صورة الرؤيا وحقيقة معناها، فيقلق ويحزن ويضطرب دون داع.

ولأجل هذه الأمور قلتُ في صدر البحث كالإمام الرباني وكما يقول أهل التحقيق العلمي: نه شبم نه شب برستم...

النكتة الثالثة:

لقد ثبت في الحديث الصحيح: أن الرؤيا الصادقة جزءٌ من أربعين جزءاً من النبوة (3)

بمعنى أن الرؤيا الصادقة حق، ولها علاقة بمهمات النبوة.


Yükleniyor...