عُقِد بحكم القدر الإلهي المحض، حتى انقاد الرسول الكريم ﷺ لذلك الحكم مضطراً وما كان ذلك برغبة من نفسه.

وهذا الحكم القدَري يتضمن حُكماً شرعياً مهماً وحكمة عامة ومصلحة شاملة.

فبإشارة الآية الكريمة: ﹛﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِن۪ينَ حَرَجٌ ف۪ٓي اَزْوَاجِ اَدْعِيَٓائِهِمْ﴾|﹜ (الأحزاب: ٣٧). أن خطاب الكبار للصغار ب: يا بني! ليس حراماً، إذ لا يغير الأحكام كقول المظاهِر لزوجته (أي قوله: أنتِ عليّ كظهر أمي).

وكذا فإن الأنبياء والكبار لدى خطابهم لأمتهم ولرعاياهم، ولدى نظرهم إليهم، نظر الأبوة، إنما هو باعتبار مهمة الرسالة وليست باعتبار الشخصية الإنسانية حتى يحرم الزواج منهم.

وطبقة ثانية من الناس يفهمون هكذا:

إنَّ سيداً عظيماً وآمراً حاكماً ينظر إلى رعاياه نظر الأبوة. أي يشفق عليهم شفقة الوالد. فإن كان ذلك الآمر سلطاناً روحانياً، ظاهراً وباطناً، فرحمتُه تزداد حينئذ عن شفقة الأب أضعافاً مضاعفة. والأفراد بدورهم ينظرون إليه نظر الوالد، كأنهم أولاد حقيقيون له، وحيث إن نظر الأبوة من الصعوبة انقلابه إلى نظر الزوج، ونظر البنت أيضاً لا يتحول بسهولة إلى نظر الزوجة، لذلك وجد العامةُ حرجاً في تزوج النبي ﷺ ببنات المؤمنين، والقرآن الكريم يصحح مفاهيمهم قائلاً:

إن النبي يشفق عليكم ويعاملكم معاملة الأب، وينظر إليكم باسم الرحمة الإلهية، فأنتم كالأبناء بالنسبة للرسالة التي يحملها. ولكن ليس هو أباكم باعتبار الشخصية الإنسانية، لكي يقع الحرجُ في الأمر: أمر الزواج. وحتى لو خاطبكم بيا أبنائي وأولادي فأنتم لستم أولادَه وفق الأحكام الشرعية، فلا تكونون أولاده فعلاً.

الباقي هو الباقي

§سعيد النورسي>


Yükleniyor...