الأربعين -أي في فترة توقف الحرارة الغريزية وسكون الهَوَسَات- ليست نفسانية بالضرورة والبداهة، وإنما هي مبنية على حِكم مهمَّة، إحداها هي:

إنَّ أقوال الرسول ﷺ وأفعالَه وأحواله وأَطواره وحركاتِه وسكناتِه، هي منبع الدِّين ومصدر الأَحكام والشريعة.

ولقد روى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم هذه الأحكام وحملوا مهمة تبليغ ما ظهر لهم من حياته ﷺ. أما أَسرار الدِّين وأحكام الشريعة النابعة من أَحواله المخفية عنهم، في نطاق أموره الشخصية الخاصة به، فإن رواتها وحامليها هي زوجاتُه الطاهرات، فقد أدَّيْنَ هذه المهمة على وجهها حق الأداء. بل إن ما يقرب من نصف أحكام الدين وأسراره يأتي عن طريقهن.

بمعنى أن هذه الوظيفة الجليلة يلزم لها زوجات كثيرات، وذوات مشارب مختلفة كذلك.

أما زواجه ﷺ بزينب، فقد ذُكر في الشعاع الثالث من الشعلة الأولى من «الكلمة الخامسة والعشرين»، فيما يخص الآية الكريمة: ﹛﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ اَبَٓا اَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلٰكِنْ رَسُولَ اللّٰهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّ۪نَ﴾|﹜ (الأحزاب: ٤٠)، أن الآية الواحدة تفيد معاني عديدة، بوجوه عديدة، حسب فهم طبقات الناس.

فحصة طبقة من الناس من فهم هذه الآية الكريمة:

أنَّ زيداً رضي الله عنه الذي كان مَوْلى رسول الله ﷺ، ويَحظى بخطابه له: يا بني! لم يجد نفسه كفواً لزوجته العزيزة النفس فطلقها لذلك، كما وردت الروايات الصحيحة، وبناء على اعترافه بنفسه. أي أن زينب رضى الله عنها، قد خُلقت على مستوى آخر من الأخلاق العالية، فشعر بها زيد بفراسته بأنها على فطرة سامية تليق أن تكون زوجة نبي. حيث وجد نفسَه غير كفؤ لها فطرة، مما سبب عدم الامتزاج النفسي والانسجام الروحي بينهما، فطلّقها، وتزوجها الرسول الكريم ﷺ بأمر إلهي.

فالآية الكريمة: ﹛﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾|﹜ (الأحزاب: ٣٧) تدل بإشارتها على أن ذلك النكاح قد عُقد بعقد سماوي، فهو عقد خارق للعادة، وفوق العُرف والمعاملات الظاهرية، إذ هو عقدٌ

Yükleniyor...