الرشحة الخامسة:
لقد تحوّلت بذلك النور حركاتُ الكائنات وتنوعاتُها وتغيراتُها من العبثية والتفاهة وملعبة المصادفة إلى مكاتيب ربانية، وصحائف آياتٍ تكوينية، ومرايا أسماء إلهية. حتى ترقّى العالمُ وصار كتاب الحكمة الصمدانية.
وانظر إلى الإنسان كيف ترقَّى من حضيض الحيوانية الذي هوى إليه بعجزه وفقره وبعقله الناقل لأَحزان الماضي ومخاوف المستقبل، ترقّى إلى أَوج الخلافة بتنوّر ذلك العقل والعجز والفقر. فانظرْ كيف صارتْ أَسبابُ سقوطه -من عجز وفقر وعقل- أَسبابَ صعوده بسبب تنوّرها بنور هذا الشخص النوراني.
فعلى هذا، لو لم يوجد هذا الشخص لسقطت الكائناتُ والإنسان، وكلُ شيء إلى درجة العدم؛ لا قيمة ولا أَهمية لها. فيلزم لمثل هذه الكائنات البديعة الجميلة من مثل هذا الشخص الخارق الفائق المعرِّف المحقق، فإذا لم يكن هذا فلا تكن الكائنات، إذ لا معنى لها بالنسبة إلينا.
الرشحة السادسة:
فإنْ قلت: مَنْ هذا الشخص الذي نراه قد صار شمساً للكون، كاشفاً بدينه عن كمالات الكائنات؟ وما يقول؟.
قيل لك: انظرْ واستمعْ إلى ما يقول: ها هو يُخبر عن سعادة أَبدية ويبشّر بها، ويكشف عن رحمة بلا نهاية، ويعلنها ويدعو الناس إليها. وهو دلالُ محاسن سلطنة الربوبية ونَظَّارُها، وكشّافُ مخفيّات كنوز الأَسماء الإلهية ومعرِّفُها.
فانظر إليه من جهة وظيفته (رسالته)؛ تَرهُ برهانَ الحق وسراجَ الحقيقة وشمس الهداية ووسيلة السعادة.
Yükleniyor...