الثابتة إلّا وتَعرِض في وجه السماء روائعَ النقش المتجدد، وبدائعَ الإتقان تتجدد حيناً بعد حين.. فقد تتكاتف إحداها مع مثيلتها، وتُظهران معاً آية باهرة في الجمال.. وقد تدخل إحداها بين صغيرات النجوم فتقودها قيادة الكبيرة للصغيرات.. ولا سيما نجم الزُهَرة اللامعة في الأفق، بعد الغروب في هذا الموسم خاصة ومثيلتها تسطع قبل الفجر.. فيا له من جمال زاهر يضفيانه على الأفق!.

ثم بعد إنهاء كل نجم وظيفتَه، وإشرافه على الأُخريات، وإيفاء خدماته كالمكوك في نسج نقوش الصنعة البديعة، يرجع إلى دائرة سلطانه المهيبة، الشمس، فيتسربل بالنور، ويتستر، ويختفي عن الأنظار.

فهذه السيارات التي عبّر عنها القرآنُ الكريم ب «الخُنّس» «الكُنّس» يجريها سبحانه وتعالى مع أرضنا هذه جريانَ سفينةٍ تمخر عبابَ الكون، ويسيّرها طيرانَ الطير في فضاء العالم، ويسيح بها سياحة طويلة، في انتظام كامل. دالاً بها على عظمة ربوبيته وأُبّهة ألوهيته جل جلاله، كالشمس في وضح النهار.

فيا لأُبّهة مليكٍ مقتدر، من بين سفائنه وطائراته ما هو أكبرُ جسامةً من الأرض ألفَ مرة، وتقطع مسافة ثماني ساعات في ثانية واحدة! قس بنفسك مدى السعادة السامية، ومدى الشرف العظيم في العبودية لهذا المليك الجليل، والانتساب إليه بالإيمان، والضيافة على مائدة إكرامه وأفضاله.

ثم نظرتُ إلى القمر، ورأيت أن الآية الكريمة: ﹛﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتّٰى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَد۪يمِ﴾|﹜ (يس: ٣٩) تعبّر عن نور مشرق من الإعجاز.

نعم، إن تقدير القمر تقديراً دقيقاً جداً، وتدويرَه حول الأرض وتدبيرَه وتنويره، وإعطاءه أوضاعاً إزاء الأرض والشمس، محسوبةً بحساب في منتهى الدقة والعناية، تتحير منه العقول، يُرشد كلَّ ذي شعور يشاهد هذه الدقة في التقدير أن يقول: إن القدير الذي ينظم هذه الأمور على هذه الشاكلة الخارقة ويقدّرها تقديراً دقيقاً، لا يصعب عليه شيء. مما يوحي أن الذي يفعل هذا قادر على كل شيء.

ثم إن القمر يعقب الشمس، هذا التعقيب مقدّر حسابُه، لا يخطئ حتى في ثانية واحدة،


Yükleniyor...