وأخبر مكرراً ﷺ: «إن أهلَ بيتي سيَلقون بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً»، (25) فكان كما أخبر.

∗ ∗ ∗


هنا يرد سؤال مهم:

يُقال: إن علياً رضي الله عنه كان أحرى بالخلافة وأولى بها، فهو ذو قرابة مع النبي ﷺ، وذو شجاعة نادرة خارقة، وذو علم غزير.. فلماذا لم يُقدِّموه في الخلافة؟ ولماذا اضطربت أحوالُ المسلمين في عهده؟.

الجواب: لقد قال قطبٌ عظيم من آل البيت: كان الرسول ﷺ قد تمنّى أن يكون عليّ هو الخليفة، ولكن أُعلِم من الغيب أنّ إرادةَ الله غيرُ هذا، فتخلى عن رغبته تبعاً لما يريده الله سبحانه وتعالى. (26)

وفيما يأتي حكمةٌ واحدة مما تنطوي عليه إرادةُ الله تعالى في هذا الأمر:

كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين أحوجَ إلى الاتفاق والاتحاد بعدما ارتحل النبي ﷺ إلى الرفيق الأعلى، فلو كان عليّ رضي الله عنه قد تولّى الخلافة، لكان هناك احتمالٌ قوي أن تثير أطوارُه المتّسمة بعدم مسايرة الآخرين واستقلالية آرائه مع زهده الشديد وبسالته النادرة واستغنائه عن الناس، فضلاً عن شجاعته الفائقة، فتحرِّك -هذه المزايا- عرقَ المنافسة لدى كثير من الأشخاص والقبائل، فتنجم الفرقةُ بين صفوف المسلمين، مثلما حدثَ في عهد خلافته من حوادث وفتن.

أما سببُ تأخر خلافة عليّ رضي الله عنه فإن أحدَ أسبابه هو ما يأتي:

لقد هبّت أعاصيرُ الفتن في أوساط أمةِ الإسلام التي تضم أقواماً متباينةً في الفكر والتي يحمل كلٌّ منها بذورَ الفرقة إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة، مثلما أخبر بذلك الرسول ﷺ، (27) فكان ينبغي وجودَ شخصيةٍ قوية فذّة، مهيبةِ الجانب، ذاتَ شجاعة فائقة وفراسة نافذة ونسَبٍ عريق

Yükleniyor...