إذن فالمحبةُ النابعة من معرفة الله هي جوهر جميع مراتب الولاية وإكسيرها. إلّا أن هناك ورطةً كبيرةً للمحبة وهي:
أنه يُخشى أنْ ينقلب المحبُّ من التضرع والتذلل لله -اللذين هما سر العبودية- إلى الإدلال والطلب والدعاوى. فيطيش صوابُه ويتحرك مختالاً بمحبته دون ضوابط أو موازين.. ويُخشى كذلك أن تتحول المحبةُ لديه من «المعنى الحرفي» إلى «المعنى الإسمي» أثناء توجهه بالمحبة إلى ما سوى الله، فتنقلب عندئذِ من دواء شافٍ إلى سم زعاف، إذ يحدث أحياناً أن المحب يتوجه إلى صفات المحبوب -من دون الله- وإلى كماله الشخصي وجماله الذاتي، أي يكون الحب بمعناه الاسمي -لذاته- أي يستطيع أن يحبه أيضاً من دون تذكّر الله ورسوله! مع أن الواجب عليه عند التوجه بالحب لما سوى الله أن يكون هذا الحبُّ في الله ولله ، فيربط قلبَه به من حيث كونه مرآة لتجلي أسمائه الحسنى.
إن مثل هذا الحب بالمعنى الاسمي لا يكون وسيلةً لحب الله، بل ستاراً من دونه. بينما الحب بالمعنى الحرفي أي بسبب من حب الله، فإنه يكون وسيلة إلى زيادة حب الله، بل يصح القول أنه تجل من تجلياته سبحانه.
النقطة الثالثة: إنَّ الدنيا هي دار العمل ودار الحكمة، وليست داراً للمكافأة والجزاء. فجزاءُ الأعمال والبر الذي يحصل هنا يكون في الحياة البرزخية والدار الآخرة، فتؤتي هناك أُكُلها وثمراتها. فما دامت الحقيقة هكذا يجب عدم المطالبة بثمرات الأعمال الأخروية وجزائها في هذه الدنيا، ولو أعطيتْ يجب أخذُها وقبولها من يد الرب سبحانه بفرح مشوبٍ بالحزن، وسرور ممزوج بالأسى، وليس بفرح وسرور خالصين، ذلك لأنه ليس من الحكمة تناول ثمرات الأعمال -التي لن تنفد عند تناولها في الجنة- في مثل هذه الحياة الفانية، إذ يشبه ذلك العزوف عن مصباح خالد النور والإضاءة والتعلق بمصباح لا يتوهج نوره إلّا دقيقة ثم ينطفئ!
وبناءً على هذا السر الدقيق -أي انتظار الأجر في الحياة الآخرة- فإن الأولياء يستعذبون مشاقَّ الأعمال ومصاعبَها والمصائب والبلايا، فلا يشكون ولا يتذمرون. بل لسانُهم دائماً وأبداً يردد: «الحمد لله على كل حال». وإذا وهب الله لهم كرامةً أو كشفاً أو نوراً أو ذوقاً فإنهم يتناولونه بأدبٍ جَمٍّ ويعدّونه التفاتاً وتكرّماً منه سبحانه إليهم، فيحاولون ستر الكرامة
أنه يُخشى أنْ ينقلب المحبُّ من التضرع والتذلل لله -اللذين هما سر العبودية- إلى الإدلال والطلب والدعاوى. فيطيش صوابُه ويتحرك مختالاً بمحبته دون ضوابط أو موازين.. ويُخشى كذلك أن تتحول المحبةُ لديه من «المعنى الحرفي» إلى «المعنى الإسمي» أثناء توجهه بالمحبة إلى ما سوى الله، فتنقلب عندئذِ من دواء شافٍ إلى سم زعاف، إذ يحدث أحياناً أن المحب يتوجه إلى صفات المحبوب -من دون الله- وإلى كماله الشخصي وجماله الذاتي، أي يكون الحب بمعناه الاسمي -لذاته- أي يستطيع أن يحبه أيضاً من دون تذكّر الله ورسوله! مع أن الواجب عليه عند التوجه بالحب لما سوى الله أن يكون هذا الحبُّ في الله ولله ، فيربط قلبَه به من حيث كونه مرآة لتجلي أسمائه الحسنى.
إن مثل هذا الحب بالمعنى الاسمي لا يكون وسيلةً لحب الله، بل ستاراً من دونه. بينما الحب بالمعنى الحرفي أي بسبب من حب الله، فإنه يكون وسيلة إلى زيادة حب الله، بل يصح القول أنه تجل من تجلياته سبحانه.
النقطة الثالثة: إنَّ الدنيا هي دار العمل ودار الحكمة، وليست داراً للمكافأة والجزاء. فجزاءُ الأعمال والبر الذي يحصل هنا يكون في الحياة البرزخية والدار الآخرة، فتؤتي هناك أُكُلها وثمراتها. فما دامت الحقيقة هكذا يجب عدم المطالبة بثمرات الأعمال الأخروية وجزائها في هذه الدنيا، ولو أعطيتْ يجب أخذُها وقبولها من يد الرب سبحانه بفرح مشوبٍ بالحزن، وسرور ممزوج بالأسى، وليس بفرح وسرور خالصين، ذلك لأنه ليس من الحكمة تناول ثمرات الأعمال -التي لن تنفد عند تناولها في الجنة- في مثل هذه الحياة الفانية، إذ يشبه ذلك العزوف عن مصباح خالد النور والإضاءة والتعلق بمصباح لا يتوهج نوره إلّا دقيقة ثم ينطفئ!
وبناءً على هذا السر الدقيق -أي انتظار الأجر في الحياة الآخرة- فإن الأولياء يستعذبون مشاقَّ الأعمال ومصاعبَها والمصائب والبلايا، فلا يشكون ولا يتذمرون. بل لسانُهم دائماً وأبداً يردد: «الحمد لله على كل حال». وإذا وهب الله لهم كرامةً أو كشفاً أو نوراً أو ذوقاً فإنهم يتناولونه بأدبٍ جَمٍّ ويعدّونه التفاتاً وتكرّماً منه سبحانه إليهم، فيحاولون ستر الكرامة
Yükleniyor...