أمراً مَنْ ليسوا من أهله، إلّا أساؤا إليه. ولكن الله تعالى يُظهر عدالته الربانية في الآخرة على وفق موازنة الأعمال وتقويمِها، برجحان الحسنات أو السيئات، فمَن رجَحت حسناتُه وثقلت، فله الثواب الحسن وتُقبل أعمالُه، ومن رجحت سيئاتُه وخفت حسناته فله العقاب وتُردّ أعمالُه، علماً أنه لا تؤخذ «كميةُ» الأعمال بنظر الاعتبار في هذه الموازنة مثلما يُنظر إلى «النوعية». فرُبَّ حسنةٍ واحدة ترجح ألفَ سيئة بل قد تُذهب بها وتمحوها وتكون سبباً في إنقاذ صاحبها.

فما دامت العدالةُ الإلهية تحكم على وفق هذا الميزان، وأن الحقيقة تراها عينَ الحق، فلا ريب أن حسنات الطريقة التي هي ضمن دائرة السنة المطهرة لهي أرجحُ من سيئاتها.

ولا أدلّ على ذلك من احتفاظ أهل الطريقة بإيمانهم أثناء هجوم أهل الضلالة، حتى إن منتسباً اعتيادياً مخلصاً من أهل الطريقة يُحافظ على نفسه أكثر من أي مدّعٍ كان للعلم. إذ ينقذ إيمانه بما حصل عليه من الذوق الروحي في الطريقة وبما يحمله من حبّ تجاه الأولياء، فحتى بارتكابه الكبائر لا يكون كافراً وإنما يكون فاسقاً، إذ لا يلج صفوفَ الزندقة بيُسر، وليست هناك قوة تستطيع أن تجرح ما ارتضاه من ولاء تجاه سلسلة أقطاب المشايخ الذين ارتبط بهم بمحبة شديدة واعتقاد جازم، وحيث إن الضلالة لا تستطيع أن تفنّد أو تفسد ما لديه من الثقة والاطمئنان بهم، فلن تحل ما لديه من الثقة والرضا بهم، ولن يدخل الكفر والإلحاد ما لم يفقد تلك الثقة بهم. فالذي ليس له حظٌّ من الطريقة، ولم يشرع قلبُه بالحركة، من الصعوبة بمكان -في هذا الوقت- أن يحافظ على نفسه محافظةً تامة أمام دسائس الزنادقة الحاليين، ولو كان عالماً مدققاً.

بقي أمر آخر هو أنه لا يمكن أن تُدان «الطريقة» ولا يُحكَم عليها بسيئات مذاهب ومشارب أطلقت على نفسها ظلماً اسم «الطريقة» وربما اتخذت لها صورةً خارج دائرة التقوى بل خارج نطاق الإسلام.

فلو صرفنا النظر عن النتائج السامية التي تُوصل إليها الطريقةُ سواء منها الدينية أو الأخروية أو الروحية، ونظرنا فقط إلى نتيجة واحدة منها ضمن نطاق العالم الإسلامي نرى أن «الطريقة» هي في مقدمة الوسائل الإيمانية التي توسِّع من دائرة الأخوة الإسلامية بين المسلمين وتبسط لواءَ رابطتها المقدسة في أرجاء العالم الإسلامي.


Yükleniyor...