أما الملحد من النصارى فيستطيع أن يظل نافعاً للمجتمع، إذ يقبل بعض المقدسات ويؤمن ببعض الأنبياء، ويكون مؤمناً بالله من جهة.

فأي مصلحة يا تُرى يجنيها أهلُ البدعة هؤلاء، بل الأصوب أهلُ الإلحاد في الخروج على الدين؟ فإن كانوا يرومون منه أمنَ البلاد واستتبابَ النظام فيها، فإن إدارة عشرة من الملحدين السفلة الذين لا يؤمنون بالله، ودفعَ شرورهم أصعبُ بكثير من إدارة ألفٍ من المؤمنين. وإن كانوا يرغبون في الرقي الحضاري، فإن أمثالَ هؤلاء الملحدين مثلما يضرون بإدارة الدولة فهم يعيقون التقدمَ أيضاً؛ إذ يخلّون بالأمن والنظام، وهما أساسا الرقي والتجارة. وفي الحقيقة هم مخرّبون بمقتضى مسلكهم. وإن أحمقَ الحمقى في الدنيا هو من ينتظر من أمثال هؤلاء الملحدين السفهاء الرقيَّ وسعادةَ الحياة.

ولقد قال أحد هؤلاء الحمقى، وهو يشغل منصباً مهماً: «إننا تأخرنا لقولنا: الله.. الله.. بينما أوروبا تقدمت لقولها : المدفع.. البندقية.!».

إن جواب أمثال هؤلاء: السكوت حسب قاعدة: «جواب الأحمق السكوت» ولكننا نقول قولاً لأولئك العقلاء الشقاة الذين يتبعون أمثال هؤلاء الحمقى:

أيها البائسون! هذه الدنيا إنما هي دار ضيافة، وأن الموت حق، إذ يشهد على ذلك ثلاثون ألف شاهد بجنائزهم يومياً. أتقدرون على قتل الموت؟ أيمكنكم تكذيب هؤلاء الشهود؟ فما دمتم عاجزين عن ذلك فاعلموا أن الموت يدفعكم إلى قول: «الله.. الله..» فأي من مدافعكم وبنادقكم تتمكن من أن تبدد الظلمات الأبدية للمحتضر الذي يعاني السكرات وينور عالمه، بدلاً عن ذكر «الله.. الله» وأي منها يستطيع أن يبدل يأسَه القاتم إلى أمل مشرق، غير ذكر «الله.. الله».

فما دام الموت موجوداً، وأن المصير إلى القبر حتماً، وأن هذه الحياة ماضية راحلة، وستأتي حياة باقية خالدة، فإن قيل : المدفع.. البندقية مرة واحدة فلابد من القول ألف مرة: «الله.. الله» بل البندقية نفسُها ستقول: «الله.. الله» إن كانت في سبيل الله! وسيصرخ المدفع نفسه ب: «الله اكبر» عند الإفطار وعند الإمساك!.

Yükleniyor...