إذن فخلقُ الشياطين والشرور وإيجادُها ليس شراً وليس قبيحاً؛ لأنه متوجهٌ نحو نتائج كلية وعظيمة. بل الشرور والقبائح الناتجة إنما هي حاصلةٌ من سوء الاستعمال ومن الكسب الإنساني الذي هو مباشرةٌ خاصة، راجعة إلى الكسب الإنساني وليست إلى الخلق الإلهي.
وإذا سألتم:
إنَّ كثيراً من الناس يسقطون في هاوية الكفر والضلال بوجود الشياطين ويتضررون من جرائهم على الرغم من بعثة الأنبياء عليهم السلام. وحيث إن الحُكم جارٍ على الأكثرية، وأن الأكثرين يتضررون، فخلق الشر إذن شر، بل يمكن أن يقال إن بعثة الأنبياء ليست رحمة!
فالجواب: إنه لا اعتبار للكمية بالنسبة إلى النوعية، فالأكثرية في الحقيقة متوجهة أصلاً إلى النوعية، لا إلى الكمية. فلو كانت هناك مائة نواة للتمر –مثلاً- ولم توضع تحت التراب ولم تُسقَ بالماء، أي إن لم تحدث فيها تفاعلات كيمياوية، أي إن لم تنَل مجاهدة حياتية، فإنها تظل على حالها مائةَ نواة وتساوي قيمتُها مائة درهم. بينما إذا سُقيَت بالماء وتعرضت لمجاهدة حياتية فتفسخت من جرائها، وبسوء طبعها، ثمانون منها، ونمت عشرون منها نخلاً مثمراً، أفيمكنك أنْ تقول: إنَّ سقيَ تلك البذور شرٌ، حيث أفسد الكثير منها! لا تستطيع قول ذلك بلا شك، لأن تلك النوى العشرين قد أصبحت بمثابة عشرين ألف نواة، فالذي يفقد الثمانين ويكسب العشرين ألفاً لاشك أنه غانم لم يتضرر، فلا يكون السقي إذن شراً.
وكذا لو وجدت مائةٌ من بيض الطاووس -مثلاً- فثمنُها يساوي ثمنَ البيض وهو خمسمائة قرش، ولكن إذا حضنت تلك المائة من البيض وفرّخ عشرون منها، وفسدت الثمانون الباقية، هل يمكن أن يُقال حينئذٍ أن ضرراً كبيراً قد حدث، أو أنَّ هذه المعاملة شر، أو أنَّ حضانة الطاووسة البيض عملٌ قبيح.. لاشك إنَّ الجواب ليس كذلك، بل العمل هذا خير، لأن الطاووس وبيضَه قد كسبا عشرين طاووساً أثمانُها باهظة بدلاً عن تلك البيوض الكثيرة الزهيدة الثمن.
وإذا سألتم:
إنَّ كثيراً من الناس يسقطون في هاوية الكفر والضلال بوجود الشياطين ويتضررون من جرائهم على الرغم من بعثة الأنبياء عليهم السلام. وحيث إن الحُكم جارٍ على الأكثرية، وأن الأكثرين يتضررون، فخلق الشر إذن شر، بل يمكن أن يقال إن بعثة الأنبياء ليست رحمة!
فالجواب: إنه لا اعتبار للكمية بالنسبة إلى النوعية، فالأكثرية في الحقيقة متوجهة أصلاً إلى النوعية، لا إلى الكمية. فلو كانت هناك مائة نواة للتمر –مثلاً- ولم توضع تحت التراب ولم تُسقَ بالماء، أي إن لم تحدث فيها تفاعلات كيمياوية، أي إن لم تنَل مجاهدة حياتية، فإنها تظل على حالها مائةَ نواة وتساوي قيمتُها مائة درهم. بينما إذا سُقيَت بالماء وتعرضت لمجاهدة حياتية فتفسخت من جرائها، وبسوء طبعها، ثمانون منها، ونمت عشرون منها نخلاً مثمراً، أفيمكنك أنْ تقول: إنَّ سقيَ تلك البذور شرٌ، حيث أفسد الكثير منها! لا تستطيع قول ذلك بلا شك، لأن تلك النوى العشرين قد أصبحت بمثابة عشرين ألف نواة، فالذي يفقد الثمانين ويكسب العشرين ألفاً لاشك أنه غانم لم يتضرر، فلا يكون السقي إذن شراً.
وكذا لو وجدت مائةٌ من بيض الطاووس -مثلاً- فثمنُها يساوي ثمنَ البيض وهو خمسمائة قرش، ولكن إذا حضنت تلك المائة من البيض وفرّخ عشرون منها، وفسدت الثمانون الباقية، هل يمكن أن يُقال حينئذٍ أن ضرراً كبيراً قد حدث، أو أنَّ هذه المعاملة شر، أو أنَّ حضانة الطاووسة البيض عملٌ قبيح.. لاشك إنَّ الجواب ليس كذلك، بل العمل هذا خير، لأن الطاووس وبيضَه قد كسبا عشرين طاووساً أثمانُها باهظة بدلاً عن تلك البيوض الكثيرة الزهيدة الثمن.
Yükleniyor...