وأقلق عليه. إذ قد جرّوا -بهذه الصورة- بعضَ أصدقائي غير الحميمين فألقَوهم في هاوية المهالك. (9)

فيا إخوتي وزملائي في خدمة القرآن!

إنَّ الذين يأتونكم من حيث حبُّ الشهرة من جواسيس أهل الدنيا، والذين يروّجون لأهل الضلالة، أو تلاميذ الشيطان، قولوا لهم:

إنَّ رضى الله سبحانه، والإكرام الرحماني، والقبول الرباني، لَمقامٌ عظيم جداً، بحيث يبقى دونه إقبالُ الناس وإعجابهم بحكم ذرة بالنسبة إلى ذلك المقام الرفيع.

فإنْ كان هناك توجّه من الرحمة الإلهية نحونا، فهذا حسبنا وكفاه توجهاً. أما إقبال الناس وتوجههم فإنما يكون مقبولاً إنْ كان ظِلاً من انعكاس توجّه رحمته تعالى، وإلّا فلا يُطلب ولا يُرغب فيه قطعاً، لأنه ينطفئ عند باب القبر، ولا يساوي هناك شَروى نقير.

ثم إنَّ الشعور بحب الجاه هذا، إنْ لم يُكبَح، ولم يُمحَ من الإنسان يلزم صرفَ وجهِه إلى جهة أخرى كالآتي :

إنَّ ذلك الشعور -حب الجاه- ربما تكون له جهة مشروعة وذلك لنيل الثواب الأخروي، وبنية كسب دعوات الآخرين، من حيث التأثير الحسن لخدمة القرآن، بناءً على التمثيل الآتي :

هب أن «جامع آيا صوفيا» مكتظ بأهل الفضل والكمال من الطيبين الموقرين، وكان في الباب أو في الأروقة صبيانٌ وقحون وسفهاء سفَلة، وكان على الشبابيك سيّاحٌ أجانب مغرمون باللهو واللعب.

فإذا ما دخل أحدٌ الجامع، وانضم إلى تلك الجماعة الفاضلة، وتلا آيات من الذكر الحكيم تلاوة عذبة، فعندئذٍ تتوجه أنظار ألوف من أهل العلم والفضل إليه، ويكسبونه ثواباً عظيماً بدعائهم له ورضاهم عنه. إلّا أن هذا الأمر لا يروق أولئك الصبيان الوقحين والملحدين السفهاء والأجانب المعدودين.


Yükleniyor...