أقرب إلينا من أنفسنا، وبُعدنا نحن عنه سبحانه بُعداً مطلقاً.. هذه الحقائق الجليلة قد وضّحتها توضيحاً كاملاً كلٌّ من «الكلمة السادسة عشرة» و «الكلمة الثانية والثلاثين».

وكذا القدرةُ الإلهية المحيطة بكل شيء، وتَساوي الذرات والسيارات إزاءَها، وسهولةُ إحيائها ذوي الأرواح كافة في الحشر الأعظم كسهولة إحياء فرد واحد، وعدمُ تدخل الشرك قطعاً في خلق الكون، وأنه بعيد عن منطق العقل بدرجة الامتناع.. كل هذه الحقائق قد كُشفت في «المكتوب العشرين» لدى شرح ﹛﴿ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ قَد۪يرٌ ﴾|﹜ (الروم: ٥٠). وفي ذيله الذي يضم ثلاثة تمثيلات، الذي حلّ ذلك السر العظيم، سر التوحيد.

هذا فضلاً عن أن الحقائق الإيمانية والقرآنية لها من السعة والشمول ما لا يمكن أن يحيط بها ذكاء أذكى إنسان! أليس إذن ظهور الأكثرية المطلقة لتلك الحقائق بدقائقها لشخص مثلي مشوش الذهن، مشتت الحال، لا مرجع ولا مصدر لديه من الكتب، ويتم التأليف في سرعة وفي أوقات الضيق والشدة؟ أقول: أليس ذلك أثراً من آثار الإعجاز المعنوي للقرآن الكريم وجلوة من جلوات العناية الربانية وإشارة غيبية قوية؟.

الإشارة الرابعة:

لقد أنعم الله عليّ بتأليف ستين رسالة بهذا النمط من الإنعام والإحسان، إذ مَن كان مثلي ممن يفكر قليلاً ويتتبع السنوحَ القلبي، ولا يجد متسعاً من الوقت للتدقيق والبحث، يتم في يده تأليف ما لا يقدر على تأليفه جماعةٌ من العلماء و العباقرة مع سعيهم الدائب. فتأليفها إذن على ذلك الوجه يدّل على أنها أثرُ عناية إلهية مباشرة، لأن جميع الحقائق العميقة الدقيقة في هذه الرسائل كلها تُفهَّم وتدرّس إلى عوام الناس وأكثرِهم أميةً بوساطة التمثيلات. مع أن علماء أجلّاء قالوا عن أكثر تلك الحقائق أنها لا تُعلّم ولا تُدرَّس، فلم يعلّموها للعوام وحدهم، ولا للخواص أيضاً.

وهكذا فهذا التسهيلُ الخارق في التأليف والتيسير في بيان الحقائق، بجعل أبعدَ الحقائق عن الفهم كأنها في متناول اليد وتدريسُها إلى أكثر الناس بساطةً وأُمية، لا يكون في وسع شخص مثلي له باع قصير في اللغة التركية، وكلامه مغلق ولا يُفهم كثير منه، حتى يجعل الحقائق الظاهرية معضلة، واشتهر بهذا منذ السابق وصدّقت آثارُه القديمة شهرتَه السيئة تلك.. فمثل

Yükleniyor...