وكذا، طلب منا سبحانه نوعاً من تنفيذ الأوامر والتعليمات الربانية الطيبة المباركة السامية النورانية نؤديها في ساعة واحدة من بين أربع وعشرين ساعة. فتقاعسنا عن أداء تلك الصلوات والأدعية والأذكار، فأضَعنا تلك الساعة الواحدة مع بقية الساعات. فكان منه أن كفَّر عنا سبحانه بما بدا منا من سيئات وتقصيرات، وجعلَنا نُرغَم على أداء نوع من العبادة والصلاة بتلقين التعليمات والتدريب ومن كرّ وفرّ وعَدْوٍ وإغارة وما إلى ذلك.. في غضون خمس سنوات متتابعة.

نعم، هكذا قلت في تلك الرؤيا. ثم أفقتُ منها، وفكرت متأملاً وتوصلت إلى حقيقة مهمة جداً تضمنتها تلك الرؤيا الخيالية وهي:

إنَّ هناك كلمتين اثنتين هما منشأ جميع ما آلت إليه البشرية في حياتهم الاجتماعية من تردٍّ في الأخلاق وانحطاط في القيم، وهما منبع جميع الاضطرابات والقلاقل. وقد بينّاهما وأثبتناهما في «الكلمة الخامسة والعشرين» عند عقدنا الموازنة بين الحضارة الحديثة وأحكام القرآن الكريم. والكلمتان هما:

الكلمة الأولى: «إن شبعتُ فلا عليّ أن يموت غيري من الجوع».

الكلمة الثانية: «اكتسب أنت لآكل أنا واتعب أنت لأستريح أنا».

وأن الذي يديم هاتين الكلمتين ويغذّيهما هو: جريان الربا، وعدم أداء الزكاة.

وأن الحل الوحيد والدواء الناجع لهذين المرضين الاجتماعيين هو: تطبيق الزكاة في المجتمع وفرضها فرضاً عاماً. وتحريم الربا كلياً. لأن أهمية الزكاة لا تنحصر في أشخاص وجماعات معينة فقط، بل إنها ركن مهم في بناء سعادة الحياة البشرية ورفاهِها جميعاً، بل هي عمودٌ أصيل تتوطد به إدامة الحياة الحقيقية للإنسانية، ذلك لأن في البشرية طبقتين: الخواص والعوام. والزكاة تؤمِّن الرحمة والإحسان من الخواص تجاه العوام وتضمن الاحترامَ والطاعة من العوام تجاه الخواص. وإلاّ ستنهال مطارقُ الظلم والتسلط على هامات العوام من أولئك الخواص، وينبعث الحقدُ والعصيان اللذان يضطرمان في أفئدة العوام تجاه الأغنياء الموسِرين. وتظل هاتان الطبقتان من الناس في صراع معنوي مستديم، وتخوضان غمار معمعة الاختلافات


Yükleniyor...