ثم المعجزة العظمى.. تلك هي معجزة «انشقاق القمر» التي رُويت روايات متواترة وهي ثابتة ثبوتاً قاطعاً لا تقترب منها شبهةٌ. فقد رُويت بطرق عديدة وبصورة متواترة عن: ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، والإمام علي، وأنس، وحذيفة، وأمثالِهم كثير من الصحابة الأجلاّء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين. فضلا عن تأييد القرآن الكريم وإعلانه تلك المعجزة في: ﹛﴿اِقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾|﹜ (القمر:١) بل لم يسَعْ كفارَ قريش وهم أهلُ عناد وتعنُّت أن ينكروا هذه المعجزة، ولكنهم قالوا: «إنه سِحر». أي أن انشقاق القمر أمرٌ ثابت مقطوع به حتى من قِبل الكفار أنفسهم إلّا أنهم أوّلوا الحادثة بأنها سحر.

نحيل إلى رسالة انشقاق القمر التي هي ذيل «رسالة المعراج».

∗ ∗ ∗


ثم إن الرسول الكريم ﷺ أظهر المعجزة العظمى معجزة «المعراج» لأهل السماء كما أظهر لأهل الأرض معجزة «انشقاق القمر». فنحيل إلى رسالة «المعراج» وهي «الكلمة الحادية والثلاثون»، التي أثبتت صدقَ تلك المعجزة وأظهرتها بوضوح، إلّا أننا سنذكر هنا ما هو مقدمةٌ لتلك المعجزة وهي سفرُه ﷺ إلى بيت المقدس، وطلبُ قريش منه وصفَ بيت المقدس صبيحة المعراج، وما حصل في هذا السفر من معجزة أيضاً.

فعندما أخبر الرسول الكريم صبيحةَ ليلة المعراج عن سفره، كذّبتْه قريشٌ وقالوا: إن كنت حقاً قد ذهبتَ إلى بيت المقدس فصِف لنا أبوابَه وجدرانه وأحوالَه.

قال الرسول الكريم ﷺ: «فكربتُ كربةً ما كربتُ مثله قط، فرفعه الله لي أنظر إليه» (463) أي رُفع له بيتُ المقدس وبدأ يصفه وهو ينظر إليه، فتيقنتْ قريشٌ من الخبر «وقالوا: متى تجيء» أي القافلة التي رآها الرسولُ في الطريق، «قال يوم الأربعاء. فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينتظرون وقد ولّى النهار، ولم تجئ: فدعا رسول الله ﷺ، فزيدَ له في النهار ساعة وحبست الشمسُ». (464)


Yükleniyor...