قال أبو هريرة: «فذهب القومُ -يعني ماتوا- وبقيتُ أنا ورجل (فخشيت)، فقُتِل مرتداً يومَ اليَمامة». وظهرت حقيقة خبر النبي ﷺ.

وثبت أيضاً «بقضية عُمَير مع صفوان حين سارَّه وشارَطَه على قتل النبي ﷺ» مقابل مبلغٍ عظيمٍ من المال «فلما جاء عُمير النبي ﷺ قاصداً لقتله، وأطْلَعَه رسولُ الله ﷺ على الأمر والسر -ووضع يده على صدره- أسلم». (89)

هذا وقد وقع كثيرٌ من أمثال هذه الإنباءات الغيبية الصادقة، وذكرتْها كتبُ الصحاح الستة المعروفة مع أسانيدها. وأغلب ما ذُكر في هذه الرسالة من الحوادث إنما هو في حكم المتواتر المعنوي، وهي قطعية الثبوت ويقينية، وقد نقلها البخاري ومسلم في صحيحَيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن الكريم، على ما هو عليه أهل العلم والتحقيق، علماً أنها بُيّنَت في كتب السنن الصحيحة الأخرى كالترمذي والنسائي وأبي داود ومستدرك الحاكم ومسند أحمد بن حنبل ودلائل البيهقي مع أسانيدها.

فيا أيها الملحد الغافل! لا تلق الكلام جزافاً فتقول:

إنَّ محمداً ﷺ رجل عاقل ذكي! ثم تَدع الأمر هكذا وتنصرف، فهذه الأخبار الصادقة التي تمس الأمورَ الغيبية لا تخلو من أمرَين اثنين:

إما أنك تقول: أن هذا الرجل له نظرٌ ثاقب وعبقريةٌ واسعة جداً، أي له عينٌ بصيرة ترى الماضي والمستقبل معاً والعالمَ أجمع، فيعلم بها كلَّ شيء وكلَّ حادث، فأقطارُ الأرض والعالمُ كلُّه شرقاً وغرباً تحت نظر شهوده، وله من الدهاء العظيم ما يمكنه أن يكشف جميعَ أمور الماضي والمستقبل.! فهذه الحالة لا يمكن -كما ترى- أن تكون في بشر قط. وإذا ما وقعتْ في أي فردٍ فهو إذن خارق للعادة وله موهبة رفيعة منحها له ربُّ العالمين.. وهذا الأمر بحد ذاته معجزة عظمى.

أو ينبغي لك أن تؤمن بأن ذلك الشخص الكريم مأمور وتلميذ يتلقى الإرشاد والتعليمات ممن يرى كل شيء، وله القدرة بالتصرف في كل شيء في الكون كله والأزمان


Yükleniyor...