فيها، بل نستطيع وضعها في أوضاع جميلة أو قبيحة، أو أي شكل نرغب فيه، ولكننا لا نستطيع أن نغيّر ونبدل الغرفة العمومية الخارجة عن المرآة بسهولة ويسر. فأحكامُ الغرفتين الخصوصية والعمومية مختلفتان، وإن كانتا واحدة متحدة في الحقيقة. فأنت بتحريك إصبع يمكنك تخريب غرفتك، بينما لا يمكنك تحريك حجر من تلك الغرفة العمومية ولو قيدَ أنملة.
وهكذا الدنيا فهي منزلٌ جميل مزيّن، وحياة كل منا مرآة كبيرة واسعة، ولكل منا دنياه الخاصة من هذه الدنيا العمومية. ولكل منا عالمه الخاص به، إلّا أن عمود دنيانا ومركزها وبابها، حياتنا، بل إن دنيانا وعالمنا الخاص، صحيفةٌ، وحياتنا قلمٌ، تُكتَب بوساطته كثيرٌ من الأشياء التي تُنقل إلى صحيفة أعمالنا. فإن أحببنا دنيانا، ثم شاهدنا أنها زائلةً فانية لا قرار لها كحياتنا -لأنها مبنية فوقها- وشعرنا بهذا الزوال، وأدركناه، عندئذٍ تتحول محبتُنا نحوها إلى محبة نقوش الأسماء الإلهية الحسنى التي تمثلها دنيانا الخاصة، المرآة لها. ومنها تنتقل المحبة إلى محبة تجليات الأسماء الحسنى.
ثم إننا إذا أدركنا أن دنيانا الخاصة مزرعةٌ مؤقتة للآخرة والجنة، وحوّلنا أحاسيسَنا الشديدة ومشاعرنا القوية نحوها كالحرص والطلب والمحبة وأمثالِها، إلى نتائج تلك المزرعة وثمراتها وسنابلها، تلك هي فوائدها الأخروية. ينقلب عندها ذلك العشقُ المجازي إلى عشق حقيقي. وبخلاف هذا نكون ممن قال الله تعالى في حقهم ﹛﴿نَسُوا اللّٰهَ فَاَنْسٰيهُمْ اَنْفُسَهُمْۜ اُو۬لٰٓئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾|﹜ (الحشر: ١٩). فالذي ينسى نفسه ويغفل عنها، ولم يفكر بزوال حياته، وحسِبَ دنياه الخاصة الفانية ثابتةً كالدنيا العمومية، ناسياً زوال الحياة، عادّاً نفسه خالداً فيها فسكن إليها وتمسك بها بجميع حواسه ومشاعره يغرق فيها وينتهي أمره. فتكون تلك المحبةُ وبالاً عليه وعذاباً أليما، لأنها تولد شفقةً ورقّةَ قلبٍ يائسٍ يأسَ اليتيم، فيقاسي الألم من أحوال ذوي الحياة حتى يستشعر ألمَ الرقة والفراق مما يصيب المخلوقاتِ الجميلةَ المعرَّضةَ لصفعات الزَّوال والفراق، ويجد نفسه مكتوفَ الأَيدي إزاءها فيتجرعُ الألم في يأس مرير.
أما الشخص الأول الذي نجى من شِباك الغفلة، فإنه يجد بلسماً شافياً إزاء شدة ألم الشفقة تلك، إذ يشاهد في موت ذوي الحياة وفي زوال مَن يتألم لأوضاعهم، بقاءَ مرايا أرواحِهم التي تمثل تجلياتٍ دائمة لأسماءٍ دائمة لذاتٍ جليلة باقية خالدة. وعندئذٍ تنقلب شفقتُه إلى سرور
وهكذا الدنيا فهي منزلٌ جميل مزيّن، وحياة كل منا مرآة كبيرة واسعة، ولكل منا دنياه الخاصة من هذه الدنيا العمومية. ولكل منا عالمه الخاص به، إلّا أن عمود دنيانا ومركزها وبابها، حياتنا، بل إن دنيانا وعالمنا الخاص، صحيفةٌ، وحياتنا قلمٌ، تُكتَب بوساطته كثيرٌ من الأشياء التي تُنقل إلى صحيفة أعمالنا. فإن أحببنا دنيانا، ثم شاهدنا أنها زائلةً فانية لا قرار لها كحياتنا -لأنها مبنية فوقها- وشعرنا بهذا الزوال، وأدركناه، عندئذٍ تتحول محبتُنا نحوها إلى محبة نقوش الأسماء الإلهية الحسنى التي تمثلها دنيانا الخاصة، المرآة لها. ومنها تنتقل المحبة إلى محبة تجليات الأسماء الحسنى.
ثم إننا إذا أدركنا أن دنيانا الخاصة مزرعةٌ مؤقتة للآخرة والجنة، وحوّلنا أحاسيسَنا الشديدة ومشاعرنا القوية نحوها كالحرص والطلب والمحبة وأمثالِها، إلى نتائج تلك المزرعة وثمراتها وسنابلها، تلك هي فوائدها الأخروية. ينقلب عندها ذلك العشقُ المجازي إلى عشق حقيقي. وبخلاف هذا نكون ممن قال الله تعالى في حقهم ﹛﴿نَسُوا اللّٰهَ فَاَنْسٰيهُمْ اَنْفُسَهُمْۜ اُو۬لٰٓئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾|﹜ (الحشر: ١٩). فالذي ينسى نفسه ويغفل عنها، ولم يفكر بزوال حياته، وحسِبَ دنياه الخاصة الفانية ثابتةً كالدنيا العمومية، ناسياً زوال الحياة، عادّاً نفسه خالداً فيها فسكن إليها وتمسك بها بجميع حواسه ومشاعره يغرق فيها وينتهي أمره. فتكون تلك المحبةُ وبالاً عليه وعذاباً أليما، لأنها تولد شفقةً ورقّةَ قلبٍ يائسٍ يأسَ اليتيم، فيقاسي الألم من أحوال ذوي الحياة حتى يستشعر ألمَ الرقة والفراق مما يصيب المخلوقاتِ الجميلةَ المعرَّضةَ لصفعات الزَّوال والفراق، ويجد نفسه مكتوفَ الأَيدي إزاءها فيتجرعُ الألم في يأس مرير.
أما الشخص الأول الذي نجى من شِباك الغفلة، فإنه يجد بلسماً شافياً إزاء شدة ألم الشفقة تلك، إذ يشاهد في موت ذوي الحياة وفي زوال مَن يتألم لأوضاعهم، بقاءَ مرايا أرواحِهم التي تمثل تجلياتٍ دائمة لأسماءٍ دائمة لذاتٍ جليلة باقية خالدة. وعندئذٍ تنقلب شفقتُه إلى سرور
Yükleniyor...