تعالى وبليّاتُه محيطة بهم.. وأيضاً علمُه تعالى وقدرتُه محيطان بكل الكائنات، وأمرُه شامل لكل الذرات. فكأن ﹛﴿ مُح۪يطٌ ﴾|﹜ يتلو عليهم: لا تنفذون من أقطار السماوات والأرض، ﹛﴿ فَاَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ ﴾|﹜ (البقرة:١١٥).

وأما تعلق «الباء» فرمز إلى أنهم وقعوا فيما هربوا عنه فصاروا هدفاً للسهام.

وأما التعبير ب ﹛﴿ الْكافِرِينَ ﴾|﹜ فإشارة إلى إراءة تمثال الممثَّل -أعني المنافقين- في مرآة التمثيل، لئلا يتوغل فيه ذهنُ السامع فينسى المقصد.. ورمز إلى أن المشابهة وصلت إلى درجة، وتَضايَق المسافةُ بينهما إلى حدّ يتراءَيان معاً، فتمتزج الحقيقةُ بالخيال.. وأيضاً إيماء إلى ظلمةِ قلوبهم إذ وجدانُهم أيضاً يعذبهم لقصورهم وجنايتهم؛ إذ مَن رأى جزاءَ جنايته لا يستريح وجدانُه.

وأما هيئات جملة: ﹛﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ اَبْصَارَهُمْ ﴾|﹜ فاستينافُها يشير إلى أن السامع يقول: ألَا ينتفعون بالبرق المخفِّف لبلاء الظلمة عنهم؟ فأُجيبَ بأنهم يخافون من الضرر فضلاً عن الفائدة.

وأما ﹛﴿ يَكَادُ ﴾|﹜ (132)فيشير -باعتبار خاصّته المشهورة- إلى وجود سببِ زوال البصر، لكن لم يزل لوجود مانع.

وأما ﹛﴿ يَخْطَفُ ﴾|﹜ باعتبار استعماله ك«اختطفتهُ الغُول والعُقاب»، ففيه بلاغة لطيفة تبرُق للذهن، وتشير إلى أن البرق يسابق شعاعَ العين، من قبل أن يصل إلى الأشياء ليأخذ صوَرَها، يمرّ هو عليه فيقطعُه ويضرب على جفنه فيذهبُ بنورِه. كأن نور العين لمّا خرج من بيته مُسرعاً لاجتناء صوَر الأشياء يسارع البرقُ الذي هو شعاع عين الليل، فيأخذ من يد شعاع العين صورتَه قبل إيصاله إلى المخزن، أي يختلس البرقُ صورتَه من يده.

وأما ﹛﴿ اَبْصَارَهُمْ ﴾|﹜ فرمز -بناءً على كونها مرآةً للقلوب- إلى عمل بصائر المنافقين المتعامية عن البراهين القاطعة القرآنية.

وأما هيئات جملة: ﹛﴿ كُلَّمَٓا اَضَٓاءَ لَهُمْ مَشَوْا ف۪يهِ وَاِذَٓا اَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ﴾|﹜


Yükleniyor...