⦁ إن قلت: لا يقتدر على التعبير عن حقائق الإيمان من العوام من المائة إلّا واحد؟
قيل لك: إن عدم التعبير ليس عَلَماً على عدم الوجود؛ فكما أن اللسان كثيراً ما يتقاصر عن أن يترجم عن دقائق ما في تصورات العقل؛ كذلك قد لا يتراءى بل يتغامض عن العقل سرائرُ ما في الوجدان، فكيف يترجم عن كلِّ ما فيه؟ ألا ترى ذكاءَ السكاكي ذلك الإمام الداهي قد تقاصر عن اجتناء دقائق ما أبرزته سجيّة امرئ القيس،(∗) أو بدويّ آخر؟ فبناءً على ذلك، الاستدلالُ على وجود الإيمان في العامي يثبت بالاستفسار والاستيضاح منه، بأن تستفسر من العاميّ بالسؤال المردّد بين النفي والإثبات هكذا: أيها العامي! أيمكن في عقلك أن يكون الصانع الذي كان العالمُ بجهاته الست في قبضة تصرفه أن يتمكّن (20)في جهة من جهاته أو لا؟ فإن قال: «لا»، فنفي الجهة ثابتٌ في وجدانه، وذلك كافٍ. وقس على هذا..
ثم إن الإيمان -كما فسّره السعد-(∗) نورٌ يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده، أي بعد صرف الجزء الاختياري. فالإيمان نورٌ لوجدان البشر وشعاع من شمس الأزل (21)يضيء دفعةً ملكوتيةَ الوجدان بتمامها. فينشر أُنسيةً له مع كل الكائنات.. ويؤسس مناسبةً بين الوجدان وبين كل شيء.. ويُلقي في القلب قوةً معنوية يقتدر بها الإنسانُ أن يصارع جميعَ الحوادث والمصيبات.. ويعطيه وُسْعةً يقتدر بها أنْ يبتلع الماضي والمستقبل. وكما أن الايمان شعاعٌ من شمس الأزل؛ كذلك لمعة من السعادة الأبدية أي الحشر. فينمو بضياء تلك اللمعة بذورُ كلِّ الآمال، ونواةُ كلِّ الاستعدادات المودَعة في الوجدان، فتنبت ممتدةً إلى الأبد، فتنقلب نواةُ الاستعداد كشجرة طوبى.
﹛﴿ وَيُق۪يمُونَ الصَّلٰوةَ ﴾|﹜
اعلم أن وجه النظم أظهرُ من الشمس في رابعة النهار. وأن في تخصيص «الصلاة» من بين حسنات القالب إشارةً إلى أنها فهرستةُ كل الحسنات وأنموذجها ومَعْكسها. كالفاتحةِ للقرآن، والإنسانِ للعالم. لاشتمالها على نوع صومٍ وحج وزكاة وغيرها، ولاشتمالها على أنواع عبادات المخلوقات، الفطرية والاختيارية من الملائكة الراكعين الساجدين القائمين، ومن الحجر الساجد، والشجر القائم، والحيوان الراكع..
قيل لك: إن عدم التعبير ليس عَلَماً على عدم الوجود؛ فكما أن اللسان كثيراً ما يتقاصر عن أن يترجم عن دقائق ما في تصورات العقل؛ كذلك قد لا يتراءى بل يتغامض عن العقل سرائرُ ما في الوجدان، فكيف يترجم عن كلِّ ما فيه؟ ألا ترى ذكاءَ السكاكي ذلك الإمام الداهي قد تقاصر عن اجتناء دقائق ما أبرزته سجيّة امرئ القيس،(∗) أو بدويّ آخر؟ فبناءً على ذلك، الاستدلالُ على وجود الإيمان في العامي يثبت بالاستفسار والاستيضاح منه، بأن تستفسر من العاميّ بالسؤال المردّد بين النفي والإثبات هكذا: أيها العامي! أيمكن في عقلك أن يكون الصانع الذي كان العالمُ بجهاته الست في قبضة تصرفه أن يتمكّن (20)في جهة من جهاته أو لا؟ فإن قال: «لا»، فنفي الجهة ثابتٌ في وجدانه، وذلك كافٍ. وقس على هذا..
ثم إن الإيمان -كما فسّره السعد-(∗) نورٌ يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده، أي بعد صرف الجزء الاختياري. فالإيمان نورٌ لوجدان البشر وشعاع من شمس الأزل (21)يضيء دفعةً ملكوتيةَ الوجدان بتمامها. فينشر أُنسيةً له مع كل الكائنات.. ويؤسس مناسبةً بين الوجدان وبين كل شيء.. ويُلقي في القلب قوةً معنوية يقتدر بها الإنسانُ أن يصارع جميعَ الحوادث والمصيبات.. ويعطيه وُسْعةً يقتدر بها أنْ يبتلع الماضي والمستقبل. وكما أن الايمان شعاعٌ من شمس الأزل؛ كذلك لمعة من السعادة الأبدية أي الحشر. فينمو بضياء تلك اللمعة بذورُ كلِّ الآمال، ونواةُ كلِّ الاستعدادات المودَعة في الوجدان، فتنبت ممتدةً إلى الأبد، فتنقلب نواةُ الاستعداد كشجرة طوبى.
﹛﴿ وَيُق۪يمُونَ الصَّلٰوةَ ﴾|﹜
اعلم أن وجه النظم أظهرُ من الشمس في رابعة النهار. وأن في تخصيص «الصلاة» من بين حسنات القالب إشارةً إلى أنها فهرستةُ كل الحسنات وأنموذجها ومَعْكسها. كالفاتحةِ للقرآن، والإنسانِ للعالم. لاشتمالها على نوع صومٍ وحج وزكاة وغيرها، ولاشتمالها على أنواع عبادات المخلوقات، الفطرية والاختيارية من الملائكة الراكعين الساجدين القائمين، ومن الحجر الساجد، والشجر القائم، والحيوان الراكع..
Yükleniyor...