﹛﴿ وَبِالْاٰخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾|﹜

اعلم أن مآل هذه الآية هو المقصدُ الرابع من المقاصد الأربعة المشهورة وهو «مسألة الحشر».

ثم إنّا قد استفدنا من نظم القرآن عشرةَ براهين عليها، ذكرناها في كتاب آخر (36)فناسبَ تلخيصُها هنا. وهي:

أنَّ الحشر حقٌّ؛ لأن في الكائنات نظاماً أكملَ قصديّاً..

وأنّ في الخلقة حكمةً تامة..

وأنْ لا عبثية في العالم..

وأنْ لا إسراف في الفطرة.. والمزكّي لهؤلاء الشواهد الاستقراء التام بجميع الفنون التي كلٌّ منها شاهدُ صدق على نظامِ نوعِ موضوعِه..

وأيضا إن في كثير من الأنواع مثل اليوم والسنة وغيرهما قيامةً مكررةً نوعية..

وأيضا جوهرُ استعداد البشر يرمز إلى الحشر..

وأيضا عدمُ تناهي آمال البشر وميولِه يشير إليه..

وأيضا رحمةُ الصانع الحكيم تلوّح به..

وأيضا لسانُ الرسول الصادق عليه السلام يصرّح به..

وأيضا بيانُ القرآن المعجِز في أمثال: ﹛﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ اَطْوَارًا ﴾|﹜ (نوح:١٤) ﹛﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَب۪يدِ ﴾|﹜ (فصلت:٤٦) يشهد له. تلك عشرةٌ كاملةٌ، مفاتيحُ للسعادة الأبدية وأبوابٌ لتلك الجنة.

أما بيان البرهان الأول: فهو أنه لو لم تنجرَّ الكائناتُ إلى السعادة الأبدية لصار ذلك النظام الذي أتقن فيه صانعُه إتقاناً حَيَّرَ فيه العقولَ صورةً ضعيفةً خادعة، وجميعُ المعنويات


Yükleniyor...