تلك المعاني المتزاحمة تقسيمُ العناية والاهتمام على نسبة خدمتها للغرض الأساسيّ. وإن شئت مثالاً لهذه المسألة فمن رأس السورة إلى هنا مثالٌ بيّنٌ على الوجه المشروح سابقاً.

المسألة السابعة

اعلم أن الخيال المندمجَ في أسلوبٍ لابدّ أن يتسنبل على نواةِ حقيقةٍ، ويكون كالمرآة في أن ينعكس به -في المعنويات- القوانينُ والعلل المندرجة في سلسلة الخارجيات.

وفلسفة النحو التي هي المناسباتُ المذكورةُ في كُتبه أيضاً من هذا القبيل؛ كما يقال: الرفعُ للفاعل، لأن القويَّ يأخذ القويَّ. وقس عليه..

المسألة الثامنة

اعلم أن سيبويه(∗) نصّ على أن الحروف التي تعَدّد معانيها ك«من» و«إلى» و«الباء» وغيرها، أصلُ المعنى فيها واحدٌ لا يزول؛ لكن باعتبار المقام والغرضِ قد يتشرب معنىً معلّقاً، ويجذبه إلى جوفه، فيصير المعنى الأصلي صورةً وأسلوباً لمسافره. وكذلك إن العارف بفقه اللغة إذا تأمّل عَرَف أن اللفظ المشترك في الأغلب معناه واحدٌ، ثم بالمناسبات وقع تشبيهاتٌ.. ثم منها مجازات.. ثم منها حقائقٌ عرفية.. ثم يتعدد. حتى إن «العين» التي معناه الواحد البصر أو المنهل، يُطلق على الشمس أيضا؛ً (117)بالرمز إلى أن العالَم العلويَّ ينظر إلى العالم السفليِّ بها، أو أن ماء الحياة الذي هو الضياءُ يسيل من ذلك المنبع في الجبل الأبيض المُشرف، وقس!

المسألة التاسعة

اعلم أن أعلى مراتب البلاغة الذي يُعجِز الإرادةَ الجزئية والفكرَ الشخصيّ والتصور البسيط هو أن يحافظَ ويراعي وينظر المتكلمُ دفعةً نِسَب قيودِ الكلام وروابطِ الكلمات وموازنة الجُمل التي يُظهِر كلٌّ مع الآخر نقشاً متسلسلاً إلى النقش الأعظم. حتى كأن المتكلمَ استخدم عقولاً إلى عقله، كالباني لقصر يضع الأحجار المتلونة بوضعية تحصل بها نقوشٌ غريبة من مناظرةِ وموازاةِ الكلِّ مع الكلِّ ك«العين» (118)في الخط المشترك بين أسماء «الخلفاء


Yükleniyor...