من يحكّ بيافوخه (166)كتفَ السماء، ومنهم من يناطح السِّماكَيْن (167)بكبره... فلولا أنهم أرادوا وجرّبوا أنفسهم فأحسوا بالعجز، لَمَا سكتوا عن المعارضة البتة؛ فعجزُهم دليلُ إعجاز القرآن.
والطريق الثاني: هو أن أهلَ العلم والتدقيق وأهل التنقيد الذين يعرفون خواصَّ الكلام ومزاياه ولطائفه تأملوا في القرآن سورةً سورةً، وعشراً عشراً، وآيةً آيةً، وكلمةً كلمةً؛ فشهدوا بأنه جامعٌ لمزايا ولطائفَ وحقائقَ لا تجتمع في كلام بشر. فهؤلاء الشهداءُ ألوفُ ألوفٍ. والذي يدلّ على صدق شهادتهم هو أن القرآن أوقعَ في العالم الإنساني تحوّلاً عظيماً، وأسّس ديانةً واسعة، وأدام على وجه الزمان ما اشتمل عليه من العلوم. فكلما شابَ الزمانُ شَبَّ، وكلما تكرّر حَلا. فإذن ﹛﴿ اِنْ هُوَ اِلَّا وَحْيٌ يُوحٰى ﴾|﹜ (النجم:٤).
والطريق الثالث: (168)-كما حقّقه الجاحظ-: هو أن الفصحاء والبلغاء مع شدة احتياجهم إلى إبطال دعوى النبيّ عليه السلام، ومع شدة حقدهم وعنادهم له تركوا المعارضةَ بالحروف: الطريقَ الأسلمَ والأقربَ والأسهلَ، والتجأوا إلى المقارعةِ بالسيوف الطريقِ الأصعبِ الأطولِ، المشكوكةِ العاقبةِ، الكثيرةِ المَخاطر؛ وهم بدرجةٍ من الذكاء السياسي، لا يمكن أن يخفى عليهم التفاوتُ بين هذين الطريقين. فمَن ترك الطريقَ الأول -لو أمكن- مع أنه أشدُّ إبطالاً لدعواه، واختار طريقاً أوقعَ مالَه وروحَه في المهالك، فهو إما سفيهٌ -وهو بعيد ممن ساسوا العالم بعد أن اهتدوا-، وإما أنه أحسَّ من نفسه العجزَ عن السلوك في الطريق الأول فاضطر للطريق الثاني.
⦁ فإن قلت: يمكن أن تكون المعارضةُ ممكنة.
قيل لك: لو أمكنتْ لطمِع فيها ناسٌ لتحريك أعصابهم لها. ولو طمعوا لفعلوا لشدة احتياجهم. ولو عارضوا لتظاهرت للرغبة وكثرةِ الأسباب للظهور. ولو تظاهرت لوجد من يلتزمها ويدافع عنها ويقول: إنه قد عورض، لاسيما في ذلك الزمان. ولو كان لها ملتزمون ومدافعون -ولو بالتعصب- لاشتهرت، لأنها مسألة مهمة. ولو اشتهرت لنقلتها التواريخُ كما نقلت هذيانات «مسيلمة» بقوله: «الفيل ما الفيل، وما أدراك ما الفيل، صاحب ذَنَبٍ قصير، وخُرطوم طويل».
والطريق الثاني: هو أن أهلَ العلم والتدقيق وأهل التنقيد الذين يعرفون خواصَّ الكلام ومزاياه ولطائفه تأملوا في القرآن سورةً سورةً، وعشراً عشراً، وآيةً آيةً، وكلمةً كلمةً؛ فشهدوا بأنه جامعٌ لمزايا ولطائفَ وحقائقَ لا تجتمع في كلام بشر. فهؤلاء الشهداءُ ألوفُ ألوفٍ. والذي يدلّ على صدق شهادتهم هو أن القرآن أوقعَ في العالم الإنساني تحوّلاً عظيماً، وأسّس ديانةً واسعة، وأدام على وجه الزمان ما اشتمل عليه من العلوم. فكلما شابَ الزمانُ شَبَّ، وكلما تكرّر حَلا. فإذن ﹛﴿ اِنْ هُوَ اِلَّا وَحْيٌ يُوحٰى ﴾|﹜ (النجم:٤).
والطريق الثالث: (168)-كما حقّقه الجاحظ-: هو أن الفصحاء والبلغاء مع شدة احتياجهم إلى إبطال دعوى النبيّ عليه السلام، ومع شدة حقدهم وعنادهم له تركوا المعارضةَ بالحروف: الطريقَ الأسلمَ والأقربَ والأسهلَ، والتجأوا إلى المقارعةِ بالسيوف الطريقِ الأصعبِ الأطولِ، المشكوكةِ العاقبةِ، الكثيرةِ المَخاطر؛ وهم بدرجةٍ من الذكاء السياسي، لا يمكن أن يخفى عليهم التفاوتُ بين هذين الطريقين. فمَن ترك الطريقَ الأول -لو أمكن- مع أنه أشدُّ إبطالاً لدعواه، واختار طريقاً أوقعَ مالَه وروحَه في المهالك، فهو إما سفيهٌ -وهو بعيد ممن ساسوا العالم بعد أن اهتدوا-، وإما أنه أحسَّ من نفسه العجزَ عن السلوك في الطريق الأول فاضطر للطريق الثاني.
⦁ فإن قلت: يمكن أن تكون المعارضةُ ممكنة.
قيل لك: لو أمكنتْ لطمِع فيها ناسٌ لتحريك أعصابهم لها. ولو طمعوا لفعلوا لشدة احتياجهم. ولو عارضوا لتظاهرت للرغبة وكثرةِ الأسباب للظهور. ولو تظاهرت لوجد من يلتزمها ويدافع عنها ويقول: إنه قد عورض، لاسيما في ذلك الزمان. ولو كان لها ملتزمون ومدافعون -ولو بالتعصب- لاشتهرت، لأنها مسألة مهمة. ولو اشتهرت لنقلتها التواريخُ كما نقلت هذيانات «مسيلمة» بقوله: «الفيل ما الفيل، وما أدراك ما الفيل، صاحب ذَنَبٍ قصير، وخُرطوم طويل».
Yükleniyor...