﴿ وَالَّذ۪ينَ يُؤْمِنُونَ بِمَٓا اُنْزِلَ اِلَيْكَ وَمَٓا اُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْاٰخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ٤ ﴾
اعلم أن القرآن أرسلَ النظمَ أي لم يعيّن بوضعِ أمارةٍ وجهاً من وجوه التراكيب في كثير من أمثال هذه الآية، لسرٍّ لطيف، هو منشأ الإيجاز الذي هو منشأ الإعجاز، وهو:
أنَّ البلاغة هي مطابقةُ مقتضى الحال. والحال أن المخاطَبين بالقرآن على طبقات متفاوتة، وفي أعصار مختلفة. فلمراعاة هذه الطبقات، ولمجاورة هذه الأعصار، ليستفيد مخاطَبُ كلِ نوعٍ ما قُدِّرَ له من حصته، حَذَف القرآنُ في كثيرٍ للتعميم والتوزيع، وأطلق في كثيرٍ للتشميل والتقسيم، وأرسَل النظمَ في كثيرٍ لتكثير الوجوه، وتضمينِ الاحتمالات المستحسَنة في نظر البلاغة والمقبولةِ عند العِلم العربي ليفيض على كلِّ ذهنٍ بمقدار ذوقه. فتأمل!
ثم إن وجه نظم هذه الآية بسابقتها التخصيصُ بعد التعميم. ليعلن على رؤوس الأشهاد شرفَ مَنْ آمن من أهل الكتاب، وليردّ يدَ استغناء أهله في أفواههم، وليأخذ يدَ أمثال «عبد الله بن سلام»، (∗) ويشوِّق غيرَه لأن يأتمّ به.. وأيضا التنصيصُ على قسْمَي المتقين (28)للتصريح بشمول هداية القرآن لكافة الأُمم، والتلويحُ لعموم رسالة محمد عليه السلام لقاطبة المِلل.. وأيضا التفصيلُ بعد الإجمال لشرح أركان الإيمان المندمجة في صَدَفِ ﹛﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾|﹜ إذ دلَّ على الكتب والقيامة صراحة، وعلى الرسل والملائكة ضمناً.
ثم إن القرآن لم يوجز هنا بنحو «والمؤمنين بالقرآن» لترصيع هذا المعنى بلطائفَ وتزيين ذيوله بنكَت، ﹛﴿ وَالَّذ۪ينَ يُؤْمِنُونَ بِمَٓا اُنْزِلَ اِلَيْكَ ﴾|﹜ .
إذ في ﹛﴿ اَلَّذ۪ينَ ﴾|﹜ رمزٌ إلى أن وصفَ الإيمان هو مناطُ الحكم وأن الذات مع سائر الصفات تابعةٌ له ومغمورة تحتَه. (29)
اعلم أن القرآن أرسلَ النظمَ أي لم يعيّن بوضعِ أمارةٍ وجهاً من وجوه التراكيب في كثير من أمثال هذه الآية، لسرٍّ لطيف، هو منشأ الإيجاز الذي هو منشأ الإعجاز، وهو:
أنَّ البلاغة هي مطابقةُ مقتضى الحال. والحال أن المخاطَبين بالقرآن على طبقات متفاوتة، وفي أعصار مختلفة. فلمراعاة هذه الطبقات، ولمجاورة هذه الأعصار، ليستفيد مخاطَبُ كلِ نوعٍ ما قُدِّرَ له من حصته، حَذَف القرآنُ في كثيرٍ للتعميم والتوزيع، وأطلق في كثيرٍ للتشميل والتقسيم، وأرسَل النظمَ في كثيرٍ لتكثير الوجوه، وتضمينِ الاحتمالات المستحسَنة في نظر البلاغة والمقبولةِ عند العِلم العربي ليفيض على كلِّ ذهنٍ بمقدار ذوقه. فتأمل!
ثم إن وجه نظم هذه الآية بسابقتها التخصيصُ بعد التعميم. ليعلن على رؤوس الأشهاد شرفَ مَنْ آمن من أهل الكتاب، وليردّ يدَ استغناء أهله في أفواههم، وليأخذ يدَ أمثال «عبد الله بن سلام»، (∗) ويشوِّق غيرَه لأن يأتمّ به.. وأيضا التنصيصُ على قسْمَي المتقين (28)للتصريح بشمول هداية القرآن لكافة الأُمم، والتلويحُ لعموم رسالة محمد عليه السلام لقاطبة المِلل.. وأيضا التفصيلُ بعد الإجمال لشرح أركان الإيمان المندمجة في صَدَفِ ﹛﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾|﹜ إذ دلَّ على الكتب والقيامة صراحة، وعلى الرسل والملائكة ضمناً.
ثم إن القرآن لم يوجز هنا بنحو «والمؤمنين بالقرآن» لترصيع هذا المعنى بلطائفَ وتزيين ذيوله بنكَت، ﹛﴿ وَالَّذ۪ينَ يُؤْمِنُونَ بِمَٓا اُنْزِلَ اِلَيْكَ ﴾|﹜ .
إذ في ﹛﴿ اَلَّذ۪ينَ ﴾|﹜ رمزٌ إلى أن وصفَ الإيمان هو مناطُ الحكم وأن الذات مع سائر الصفات تابعةٌ له ومغمورة تحتَه. (29)
Yükleniyor...