قيل لك: إنَّ فوائد الأكل والنكاح ليست منحصرةً في البقاء والتناسل بل فيهما لذةٌ عظيمة في هذا العالم الأَلَميّ. وكيف لا يكون فيهما في عالم السعادة واللذة لذّاتٌ عالية منزّهة؟
⦁ فإن قلت: إن اللذة هنا دفعُ الألم؟
قيل لك: إنَّ دفعَ الألم سببٌ من أسباب اللذة.. وأيضاً قياسُ العالم الأبديّ على هذا العالم قياسٌ مع الفارق، بل إن النسبة بين حديقة «خُورْخُورْ» (180)هذه وتلك الجنة العالية هي النسبة بين لذائذ الآخرة ونظائرِها في هذا العالم. فكما تفُوق تلك الجنةُ على الحديقة بدرجات غير محصورة؛ كذلك هذه.. وإلى هذا التفاوت العظيم أشار ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بقوله: «ليس في الجنة إلّا أسماؤها» (181)أي ثمراتِ الدنيا.
أما الخلودُ ودوامُ اللذة، فاعلم أن اللذة إنما تكون لذةً حقيقيةً إن لم ينغّصها الزوالُ؛ إذ كما أنّ دفعَ الألم لذةٌ أو سببٌ لها، كذلك زوالُ اللذة ألمٌ بل تصوّرُ زوالِ اللذةِ ألمٌ أيضاً. حتى إن مجموع أشعار العشاق المجازيين إنما هي أنينٌ ونياحٌ من هذا الألم. وإن ديوانَ كلِّ عاشق غيرِ حقيقي إنما هو بكاء وعويل من هذا الألم الناشئ من تصوّرِ زوالِ المحبوب.. نعم، إنَّ كثيراً من اللذائذ الموقّتة إذا زالت أثمرت آلاماً مستمرة كلما تَذكّرها (182)يفور مِن فيه: «أيواه!» وا أسفا! المترجمَينِ عن هذا الألم الروحانيّ. وإن كثيراً من الآلام إذا انقضت أَوْلَدت لذّاتٍ مستمرة كلما تذكرها الشخص وهو قد نجا، يتكلم ب«الحمد لله» الملوِّحِ لنعمة معنوية.
أجل، إنَّ الإنسان مخلوقٌ للأبد، فإنما تحصُل له اللذةُ الحقيقيةُ في الأمور الأبدية كالمعرفة الإلهية والمحبة والكمال والعلم وأمثالِها.
والحاصل: أنَّ اللذة والنعمة إنما تكونان لذةً ونعمة إن كانتا خالدتين.
وإذا رأيت هذا السلك فانظم فيه جمَل الآية.
أما جملة: ﹛﴿ وَبَشِّرِ الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾|﹜ فاعلم أنه تعالى لما كلّف
⦁ فإن قلت: إن اللذة هنا دفعُ الألم؟
قيل لك: إنَّ دفعَ الألم سببٌ من أسباب اللذة.. وأيضاً قياسُ العالم الأبديّ على هذا العالم قياسٌ مع الفارق، بل إن النسبة بين حديقة «خُورْخُورْ» (180)هذه وتلك الجنة العالية هي النسبة بين لذائذ الآخرة ونظائرِها في هذا العالم. فكما تفُوق تلك الجنةُ على الحديقة بدرجات غير محصورة؛ كذلك هذه.. وإلى هذا التفاوت العظيم أشار ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بقوله: «ليس في الجنة إلّا أسماؤها» (181)أي ثمراتِ الدنيا.
أما الخلودُ ودوامُ اللذة، فاعلم أن اللذة إنما تكون لذةً حقيقيةً إن لم ينغّصها الزوالُ؛ إذ كما أنّ دفعَ الألم لذةٌ أو سببٌ لها، كذلك زوالُ اللذة ألمٌ بل تصوّرُ زوالِ اللذةِ ألمٌ أيضاً. حتى إن مجموع أشعار العشاق المجازيين إنما هي أنينٌ ونياحٌ من هذا الألم. وإن ديوانَ كلِّ عاشق غيرِ حقيقي إنما هو بكاء وعويل من هذا الألم الناشئ من تصوّرِ زوالِ المحبوب.. نعم، إنَّ كثيراً من اللذائذ الموقّتة إذا زالت أثمرت آلاماً مستمرة كلما تَذكّرها (182)يفور مِن فيه: «أيواه!» وا أسفا! المترجمَينِ عن هذا الألم الروحانيّ. وإن كثيراً من الآلام إذا انقضت أَوْلَدت لذّاتٍ مستمرة كلما تذكرها الشخص وهو قد نجا، يتكلم ب«الحمد لله» الملوِّحِ لنعمة معنوية.
أجل، إنَّ الإنسان مخلوقٌ للأبد، فإنما تحصُل له اللذةُ الحقيقيةُ في الأمور الأبدية كالمعرفة الإلهية والمحبة والكمال والعلم وأمثالِها.
والحاصل: أنَّ اللذة والنعمة إنما تكونان لذةً ونعمة إن كانتا خالدتين.
وإذا رأيت هذا السلك فانظم فيه جمَل الآية.
أما جملة: ﹛﴿ وَبَشِّرِ الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾|﹜ فاعلم أنه تعالى لما كلّف
Yükleniyor...