حصر لها، ويشتمل على آمالٍ لا نهاية لها، ويحوز أفكاراً غير محصورة، ويتضمن قوى غير محدودة، مع أن فطرته عجيبة كأنه فهرستة للأنواع والعوالم.
فالعبادة هي السبب لانبساط روحه وجِلاء قيمتِه.. وأيضاً هي العلةُ لانكشاف استعداده ونموّه ليناسبَ السعادة الأبدية.. وكذا هي الذريعةُ لتهذيب ميوله ونزاهتها.. وهي الوسيلة لتحقيق آماله وجعلها مُثمرة ريانة.. وكذلك هي الواسطة لتنظيم أفكاره وربطها.. وأيضاً هي السببُ لتحديد قواه وإلجامها.. وأيضاً هي الصَيْقل لرَيْن الطبيعةِ على أعضائه المادية والمعنوية التي كلٌّ منها كأنه منفذٌ إلى عالم مخصوص ونوع إذا شفَّ.. وأيضاً هي المُوصل للبشر إلى شرفِه اللائق وكماله المقدَّر، إذا كانت بالوجدان والعقل والقلب والقالب.. وكذلك هي النسبة اللطيفة العالية، والمناسبةُ الشريفة الغالية بين العبد والمعبود. وتلك النسبة هي نهايةُ مراتب كمال البشر.
ثم إن الإخلاص في العبادة هو: أن تفعل لأنه أُمر بها، وإن اشتمل كلُّ أمر على حِكَم كلٌ منها يكون علةً للامتثال، إلّا أن الإخلاص يقتضي أن تكون العلةُ هي الأمر، فإن كانت الحكمةُ علةً فالعبادة باطلة، وإن بقيت مرجِّحة فجائزة.
∗ ∗ ∗
ثم إن المخاطبين لما سمعوا ﹛﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ﴾|﹜ استفسروا بلسان الحال: ما الحكمة؟ ولِمَ؟ وما المجبورية؟ ولأيّ شيء؟.
أما الحكمة فقد سمعتَ في المقدمة. وأما العلة فأجاب القرآنُ بإثبات الصانع وتوحيده بقوله: ﹛﴿ رَبَّكُمُ الَّذ۪ي خَلَقَكُمْ... ﴾|﹜ الخ. وإثبات النبوّة بقوله: ﹛﴿ وَاِنْ كُنْتُمْ ف۪ي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا... ﴾|﹜ الخ.
مقدمة في نكات هذه الآية
اعلم أن البرهان إما «لِمِّيٌّ» وهو الاستدلال بالمؤثِّر على الأثر. (137)وإما «إنّيّ» وهو الاستدلال بالأثر على المؤثِّر، (138)وهذا أسلمُ. وهو إما «إمكانيّ» بالاستدلال بتساوي الطرفين
فالعبادة هي السبب لانبساط روحه وجِلاء قيمتِه.. وأيضاً هي العلةُ لانكشاف استعداده ونموّه ليناسبَ السعادة الأبدية.. وكذا هي الذريعةُ لتهذيب ميوله ونزاهتها.. وهي الوسيلة لتحقيق آماله وجعلها مُثمرة ريانة.. وكذلك هي الواسطة لتنظيم أفكاره وربطها.. وأيضاً هي السببُ لتحديد قواه وإلجامها.. وأيضاً هي الصَيْقل لرَيْن الطبيعةِ على أعضائه المادية والمعنوية التي كلٌّ منها كأنه منفذٌ إلى عالم مخصوص ونوع إذا شفَّ.. وأيضاً هي المُوصل للبشر إلى شرفِه اللائق وكماله المقدَّر، إذا كانت بالوجدان والعقل والقلب والقالب.. وكذلك هي النسبة اللطيفة العالية، والمناسبةُ الشريفة الغالية بين العبد والمعبود. وتلك النسبة هي نهايةُ مراتب كمال البشر.
ثم إن الإخلاص في العبادة هو: أن تفعل لأنه أُمر بها، وإن اشتمل كلُّ أمر على حِكَم كلٌ منها يكون علةً للامتثال، إلّا أن الإخلاص يقتضي أن تكون العلةُ هي الأمر، فإن كانت الحكمةُ علةً فالعبادة باطلة، وإن بقيت مرجِّحة فجائزة.
ثم إن المخاطبين لما سمعوا ﹛﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ﴾|﹜ استفسروا بلسان الحال: ما الحكمة؟ ولِمَ؟ وما المجبورية؟ ولأيّ شيء؟.
أما الحكمة فقد سمعتَ في المقدمة. وأما العلة فأجاب القرآنُ بإثبات الصانع وتوحيده بقوله: ﹛﴿ رَبَّكُمُ الَّذ۪ي خَلَقَكُمْ... ﴾|﹜ الخ. وإثبات النبوّة بقوله: ﹛﴿ وَاِنْ كُنْتُمْ ف۪ي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا... ﴾|﹜ الخ.
مقدمة في نكات هذه الآية
اعلم أن البرهان إما «لِمِّيٌّ» وهو الاستدلال بالمؤثِّر على الأثر. (137)وإما «إنّيّ» وهو الاستدلال بالأثر على المؤثِّر، (138)وهذا أسلمُ. وهو إما «إمكانيّ» بالاستدلال بتساوي الطرفين
Yükleniyor...