الطرز المعين.. أفلا تنادي بلسانها المخصوص، وتصرّح بقصد صانعها وحكمته؟ فكما أن كل ذرة بنفسها دليل على الانفراد؛ كذلك تتزايد دلالتُها باعتبار كونها جزءاً من مركبات متداخلةٍ متصاعدة؛ إذ لها في كل مركّبٍ مقامٌ.. وفي كل مقام لها نسبة.. وفي كل نسبة لها وظيفة.. وفي كل وظيفة تثمر مصالحَ.. وفي كل مرتبة تتلو بلسانها دلائل وجوبِ وجودِ صانعها.. مثلُها كمثل جنديّ في «طاقمه وطابوره وفرقته... الخ».
∗ ∗ ∗
ولنشرع في نظم هذه الآية باعتبار نظم مجموعها بما قبلها، ثم نظمِ جُمَلها بعضٍ مع بعض، ثم نظم هيئاتِ كلّ جملةٍ جملة.
أما نظمُ المجموع بما قبله فاعلم أن القرآن لمّا بيّن أقسامَ البشر وأنواعَ المكلَّفين من المؤمنين المتّقين والكافرين المعاندين والمنافقين المذبذبين توجّه إليهم كافة مخاطباً بقوله: ﹛﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ﴾|﹜ عقّبه ورتّبه على سابقه ترتيبَ البناء على الهندسة، والأمرِ والنهي بالعمل على قانون العلم، والقضاءِ على القدر، والإنشاء والإيجادِ على القصة والحكاية؛ إذ لمّا ذكرَ مباحث الفِرَق الثلاث، وذكر خاصةَ كلٍّ وعاقبةَ كلٍّ، تهيأ الموضعُ وانتبه السامعُ فالتفت مخاطباً بذلك الخطاب.. ثم إن في هذا الالتفات -أعني ذكرَهم أولاً بالغَيبة ثم الخطابَ معهم هنا- نكتةً عمومية في أسلوب البيان، وهي: أنه إذا ذُكر محاسنُ شخص أو مساويه شيئاً فشيئاً يتزايدُ بحُكم الإيقاظ والتهييج ميلانُ استحسانٍ أو ميلُ نفرةٍ. ويتقوى ذلك الميل شيئاً فشيئاً إلى أن يُجبرَ صاحبَه على المشافهة مع ذلك الشخص، وبالنظر إلى المقام يقتضي ميولات السامعين لأوصافه أن يُحضر المتكلمُ ذلك الشخص ويجرّه إلى حضورهم فيتوجه إليه بالخطاب..
وفيه نكتة خصوصية هنا وهي تخفيفُ أعباء التكليف بلذّة الخطاب.. وفيه أيضاً إشارة إلى أنْ لا واسطةَ في العبادة بين العبد وخالقه.
وأما نظم الجمل ف ﹛﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ﴾|﹜ خطابٌ لكل إنسان من الفِرق الثلاث في الأزمنة الثلاثة من كلِّ طبقات الفِرَق. أي أيها المؤمنون الكاملون اعبدوا على صفة الثبات والدوام.. وأيها المتوسطون اعبدوا على كيفية الازدياد.. وأيها الكافرون افعلوا العبادة مع
ولنشرع في نظم هذه الآية باعتبار نظم مجموعها بما قبلها، ثم نظمِ جُمَلها بعضٍ مع بعض، ثم نظم هيئاتِ كلّ جملةٍ جملة.
أما نظمُ المجموع بما قبله فاعلم أن القرآن لمّا بيّن أقسامَ البشر وأنواعَ المكلَّفين من المؤمنين المتّقين والكافرين المعاندين والمنافقين المذبذبين توجّه إليهم كافة مخاطباً بقوله: ﹛﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ﴾|﹜ عقّبه ورتّبه على سابقه ترتيبَ البناء على الهندسة، والأمرِ والنهي بالعمل على قانون العلم، والقضاءِ على القدر، والإنشاء والإيجادِ على القصة والحكاية؛ إذ لمّا ذكرَ مباحث الفِرَق الثلاث، وذكر خاصةَ كلٍّ وعاقبةَ كلٍّ، تهيأ الموضعُ وانتبه السامعُ فالتفت مخاطباً بذلك الخطاب.. ثم إن في هذا الالتفات -أعني ذكرَهم أولاً بالغَيبة ثم الخطابَ معهم هنا- نكتةً عمومية في أسلوب البيان، وهي: أنه إذا ذُكر محاسنُ شخص أو مساويه شيئاً فشيئاً يتزايدُ بحُكم الإيقاظ والتهييج ميلانُ استحسانٍ أو ميلُ نفرةٍ. ويتقوى ذلك الميل شيئاً فشيئاً إلى أن يُجبرَ صاحبَه على المشافهة مع ذلك الشخص، وبالنظر إلى المقام يقتضي ميولات السامعين لأوصافه أن يُحضر المتكلمُ ذلك الشخص ويجرّه إلى حضورهم فيتوجه إليه بالخطاب..
وفيه نكتة خصوصية هنا وهي تخفيفُ أعباء التكليف بلذّة الخطاب.. وفيه أيضاً إشارة إلى أنْ لا واسطةَ في العبادة بين العبد وخالقه.
وأما نظم الجمل ف ﹛﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ﴾|﹜ خطابٌ لكل إنسان من الفِرق الثلاث في الأزمنة الثلاثة من كلِّ طبقات الفِرَق. أي أيها المؤمنون الكاملون اعبدوا على صفة الثبات والدوام.. وأيها المتوسطون اعبدوا على كيفية الازدياد.. وأيها الكافرون افعلوا العبادة مع
Yükleniyor...