العقل وأمرُه موقّت فلابد من وجود محرِّكٍ آمرٍ دائميٍّ في الوجدان.. وكذا لما أشار بالسابقة إلى أحد شقَّي الآخرة كمّل بهذه الآية الشقَّ الآخر وهو منبعُ السعادة الأبدية.. وكذا لما لوّح هناك بالنار إلى جهنم صرّح هنا بالجنة.
ثم اعلم أن الجنة وجهنم ثمرتان تدلّتا إلى الأبد من شجرة الخِلقة، ونتيجتان لسلسلة الكائنات، ومخزنان لانصباب الكائنات، وحوضان للكائنات الجارية إلى الأبد.
نعم، تتمخّض الكائناتُ وتختلط بحركة عنيفة فتتظاهر الجنةُ وجهنم فتمتلئان.
وإيضاحه: هو أن الله جلّ جلالُه لما أراد أن يُبدع عالَماً للابتلاء والامتحان لحِكَم كثيرةٍ تدِقُّ عن العقول، وأراد تغيير ذلك العالَم وتحوّلَه لحِكَم؛ مزجَ الشر بالخير وأدرجَ الضرَّ في النفع، وأدمجَ القُبح في الحُسن؛ فوصَلها بجهنم وأمدّها بها. وساق المحاسن والكمالات تتجلى في الجنة. وأيضاً لما أراد تجربةَ البشر ومسابقتهم، وأراد وجودَ اختلافات وتغيّراتٍ فيهم في دار الابتلاء خلَط الأشرار بالأبرار. ثم لما انقضى وقتُ التجربة وتعلّقت الإرادة بأبديتهم جعَل الأشرارَ مظهرَ خطابِ: ﹛﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ اَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴾|﹜ (يس:٥٩) وصيّر الأبرارَ مظهرَ تلطيفِ وتشريفِ: ﹛﴿ فَادْخُلُوهَا خَالِد۪ينَ ﴾|﹜ (الزمر:٧٣). ولما امتاز النوعان تصفّت الكائناتُ فانسلّت مادةُ الضرّ والشر عن عنصر النفع والخير والكمال فاختارت جانباً.
والحاصل: أنه لو أُمعن النظر في الكائنات صودف فيها عنصران أساسان وعِرقان ممتدان إذا تحصّلا وتأبدا صارا جنةً وجهنم.
مقدمة
هذه الآية مع ما قبلها إشارة إلى القيامة والحشر، فمدار النظر في هذه المسألة أربع نقط:
إحداها: إمكانُ خراب العالم وموته.
والثانية: وقوعُه.
والثالثة: التعمير والإِحياء.
والرابعة: وقوعه.
ثم اعلم أن الجنة وجهنم ثمرتان تدلّتا إلى الأبد من شجرة الخِلقة، ونتيجتان لسلسلة الكائنات، ومخزنان لانصباب الكائنات، وحوضان للكائنات الجارية إلى الأبد.
نعم، تتمخّض الكائناتُ وتختلط بحركة عنيفة فتتظاهر الجنةُ وجهنم فتمتلئان.
وإيضاحه: هو أن الله جلّ جلالُه لما أراد أن يُبدع عالَماً للابتلاء والامتحان لحِكَم كثيرةٍ تدِقُّ عن العقول، وأراد تغيير ذلك العالَم وتحوّلَه لحِكَم؛ مزجَ الشر بالخير وأدرجَ الضرَّ في النفع، وأدمجَ القُبح في الحُسن؛ فوصَلها بجهنم وأمدّها بها. وساق المحاسن والكمالات تتجلى في الجنة. وأيضاً لما أراد تجربةَ البشر ومسابقتهم، وأراد وجودَ اختلافات وتغيّراتٍ فيهم في دار الابتلاء خلَط الأشرار بالأبرار. ثم لما انقضى وقتُ التجربة وتعلّقت الإرادة بأبديتهم جعَل الأشرارَ مظهرَ خطابِ: ﹛﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ اَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴾|﹜ (يس:٥٩) وصيّر الأبرارَ مظهرَ تلطيفِ وتشريفِ: ﹛﴿ فَادْخُلُوهَا خَالِد۪ينَ ﴾|﹜ (الزمر:٧٣). ولما امتاز النوعان تصفّت الكائناتُ فانسلّت مادةُ الضرّ والشر عن عنصر النفع والخير والكمال فاختارت جانباً.
والحاصل: أنه لو أُمعن النظر في الكائنات صودف فيها عنصران أساسان وعِرقان ممتدان إذا تحصّلا وتأبدا صارا جنةً وجهنم.
مقدمة
هذه الآية مع ما قبلها إشارة إلى القيامة والحشر، فمدار النظر في هذه المسألة أربع نقط:
إحداها: إمكانُ خراب العالم وموته.
والثانية: وقوعُه.
والثالثة: التعمير والإِحياء.
والرابعة: وقوعه.
Yükleniyor...