تفاريق أمارات حصلت من واقعاتِ مشاهدات نشأت من مبادئ ضرورية. وليس سببَ هذا الاعتقاد العمومي إلا مبادئُ ضرورية تولدت من رؤيتهم ومشاهدتهم في كَرّات تفيد قوة التواتر المعنوي. وإلّا رُفعَ الأمن من يقينيات معلومات البشر. فإذا تحقق وجود واحد من الروحانية في زمان مّا، تحقق وجود هذا النوع. وإذا تحقق هذا النوع، كان كما ذكره الشرعُ وبيّنه القرآن.

ثم إن نظم مآل هذه الآية بسابقها من أربعة وجوه:

الأول: أنه لما كانت هذه الآيات في تعداد النعم العظام، وأشارت الأولى إلى أعظمها -من كون البشر نتيجة للخلقة وكون جميع ما في الأرض مسخرا له يتصرف فيها على ما يشاء- أشارت هذه إلى أن البشر خليفة الأرض وحاكمها.

والثاني: أن هذه الآية بيان وتفصيل وإيضاح وتحقيق وبرهان وتأكيد لما في الآية الأولى من أن أَزِمّة سلاسلِ ما في الأرض في يد البشر.

والثالث: أن تلك لما بيّنت بناء المسكنَين من الأرض والسماء أشارت هذه إلى ساكنيهما من البشر والملَك، وأنها رمزت إلى سلسلة الخلقة، وأومأت هذه إلى سلسلة ذوي الأرواح.

والرابع: أنها لما صرّحت بأن البشر هو المقصود من الخلقة وأن له عند خالقه لموقعا عظيما، اختلج في ذهن السامع أنه كيف يكون للبشر هذه القيمة مع كثرة شروره وفساده؟ وهل تستلزم الحكمة وجودَه للعبادة والتقديس له تعالى؟ فأشارت هذه إلى أن تلك الشرور والمفاسد تُغتَفَر في جنب السرِّ المُودع فيه، وأن الله غني عن عبادته، إذ له تعالى من الملائكة المسبِّحين والمقدِّسين ما لا يُحصر، بل لحكمة في علم علّام الغيوب.

وأما نظم الجمل بعضها مع بعض فهو: أن الآية تنصبُّ -بناءً على اقتضاءِ ﹛﴿ اِذْ ﴾|﹜ رديفا لها، وعطفِه على ﹛﴿ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَل۪يمٌ ﴾|﹜ - إلى تقديرِ (216)«إذ خلق ما خلق منتظما متقَنا هكذا ﹛﴿ وَاِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلٰٓئِكَةِ... ﴾|﹜ الخ».. وأنه تعالى لمّا خاطب مع الملائكة -ليستفسروا سرّ الحكمة ولتعليم طريق المشاورة قائلاً: ﹛﴿ اِنّ۪ي جَاعِلٌ فِي الْاَرْضِ خَل۪يفَةً ﴾|﹜ - توجَّهَ ذهنُ السامع بسرّ المقاولة إلى «ما قالوا؟»، وبسرّ الاستفسار عن حكمته مع التعجب إلى:

Yükleniyor...