﹛﴿ وَاِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلٰٓئِكَةِ اِنّ۪ي جَاعِلٌ فِي الْاَرْضِ خَل۪يفَةً قَالُٓوا اَتَجْعَلُ ف۪يهَا مَنْ يُفْسِدُ ف۪يهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَٓاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ اِنّ۪ٓي اَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٠ ﴾|﹜
مقدمة
اعلم أن التصديق بوجود الملائكة أحد أركان الإيمان. ولنا هنا مقامات. (214)
المقام الأول
إن من نظر إلى الأرض وقد امتلأت بذوي الأرواح مع حقارتها، وتأمَّلَ في انتظام العالم وإتقانه، تحدّسَ بوجود سكان في هذه البروج العالية؛ فَمَثَلُ مَنْ لم يصدّق بوجود الملائكة كَمَثَل رجل ذهب إلى بلدة عظيمة وصادف داراً صغيرة عتيقة ملوّثة بالمزخرفات مشحونة بالناس، ورأى عرصاتها مملوءة من ذوي الأرواح ولحياتهم شرائط مخصوصة كالنباتات والسِّماك. ثم رأى أُلوفاً من القصور العالية الجديدة قد تخلّلت بينها ميادين النزهة، فيعتقد خلوَّها عن السكان لعدم جريان شرائط حياة هذه الدار في تلك القصور. ومَثَل المعتقِد بوجودهم كَمَثَل مَنْ إذا رأى هذا البيت الصغير وقد امتلأ من ذوي الأرواح، ورأى انتظام البلدة، جزم بأن لتلك القصور المزيَّنة أيضا سكانا يناسبونها وتوافِقُهم، ولهم شرائط حياة مخصوصة. فعدم مشاهدتهم -لبُعدهم وترفّعهم- لا يدل على عدمهم. فامتلاءُ الأرض من ذوي الحياة ينتج بالطريق الأولَى وبالقياس الأولَويّ المؤسَّسِ على القياس الخفيّ المبنيِّ على الانتظام المطرد، امتلاءَ هذه الفضاء الوسيعة ببروجها ونجومها وسماواتها من ذوي الأرواح الذين يدعوهم الشرع بالملائكة، المنطويةِ على أجناس مختلفة فتأمل!
المقام الثاني
اعلم -كما مرَّ- أن الحياة هي الكشافة للموجودات بل هي النتيجة لها، فإذن كيف تخلو هذه الفضاء الوسيعة من ساكنيها وتلك السماوات من عامريها؟ ولقد أجمع العقلاء إجماعاً معنوياً -وإن اختلفوا في طرق التعبير- على وجود معنى الملائكة وحقيقتهم، حتى
مقدمة
اعلم أن التصديق بوجود الملائكة أحد أركان الإيمان. ولنا هنا مقامات. (214)
المقام الأول
إن من نظر إلى الأرض وقد امتلأت بذوي الأرواح مع حقارتها، وتأمَّلَ في انتظام العالم وإتقانه، تحدّسَ بوجود سكان في هذه البروج العالية؛ فَمَثَلُ مَنْ لم يصدّق بوجود الملائكة كَمَثَل رجل ذهب إلى بلدة عظيمة وصادف داراً صغيرة عتيقة ملوّثة بالمزخرفات مشحونة بالناس، ورأى عرصاتها مملوءة من ذوي الأرواح ولحياتهم شرائط مخصوصة كالنباتات والسِّماك. ثم رأى أُلوفاً من القصور العالية الجديدة قد تخلّلت بينها ميادين النزهة، فيعتقد خلوَّها عن السكان لعدم جريان شرائط حياة هذه الدار في تلك القصور. ومَثَل المعتقِد بوجودهم كَمَثَل مَنْ إذا رأى هذا البيت الصغير وقد امتلأ من ذوي الأرواح، ورأى انتظام البلدة، جزم بأن لتلك القصور المزيَّنة أيضا سكانا يناسبونها وتوافِقُهم، ولهم شرائط حياة مخصوصة. فعدم مشاهدتهم -لبُعدهم وترفّعهم- لا يدل على عدمهم. فامتلاءُ الأرض من ذوي الحياة ينتج بالطريق الأولَى وبالقياس الأولَويّ المؤسَّسِ على القياس الخفيّ المبنيِّ على الانتظام المطرد، امتلاءَ هذه الفضاء الوسيعة ببروجها ونجومها وسماواتها من ذوي الأرواح الذين يدعوهم الشرع بالملائكة، المنطويةِ على أجناس مختلفة فتأمل!
المقام الثاني
اعلم -كما مرَّ- أن الحياة هي الكشافة للموجودات بل هي النتيجة لها، فإذن كيف تخلو هذه الفضاء الوسيعة من ساكنيها وتلك السماوات من عامريها؟ ولقد أجمع العقلاء إجماعاً معنوياً -وإن اختلفوا في طرق التعبير- على وجود معنى الملائكة وحقيقتهم، حتى
Yükleniyor...