﴿ ذٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ف۪يهِ هُدًى لِلْمُتَّق۪ينَ ٢ ﴾
مقدمة
اعلم أن من أساس البلاغة الذي به يبرُق حُسن الكلام تجاوب الهيئات وتداعي القيود وتآخذها على المقصد الأصلي، وإمداد كلٍّ بقدْرِ الطاقة للمقصد، الذي هو كمجمَع الأودية أو الحوض المتشرب من الجوانب، بأن تكون مصداقاً وتمثالاً لما قيل:
عِبَارَاتُنَا شَتَّى وَحُسْنُكَ وَاحِدٌ وَكُلٌّ إلى ذَاكَ الْجَمَال يُشِيرُ (11)
مثلاً: تأمَّل في آيةِ ﹛﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ﴾|﹜ (12)المسوقةِ للتهويل، المستفادِ من التقليل بسرّ انعكاس الضدّ من الضد. أفلا ترى التشكيك في ﹛﴿ إنْ ﴾|﹜ كيف يمدّ التقليل، والمسّ بدل الإصابة في «مسّت» كيف يشير إلى القلّة والتروّح فقط، والمرّتّية والتحقير في جوهرِ وصيغةِ وتنوينِ ﹛﴿ نَفْحَةٌ ﴾|﹜ كيف تلوِّح بالقلّة، والبعضية في ﹛﴿ مِنْ ﴾|﹜ كيف تومئ إليها، وتبديل النَكال بال ﹛﴿ عَذَابِ ﴾|﹜ كيف يرمز إليها، والشفقةُ المستفادة من ال«ربّ» كيف تشير إليها، وقِس؟! فكلٌّ يُمد المقصدَ بجهته الخاصة. وقِس على هذه الآية أخواتِها. وبالخاصة ﹛﴿ الٓمٓ ❀ ذٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ف۪يهِ هُدًى لِلْمُتَّق۪ينَ ﴾|﹜ لأنَّ هذه الآية ذُكرت لمَدح القرآن وإثبات الكمال له.
ولقد تجاوبَ وتآخذ على هذا المقصد: القَسَم ب ﹛﴿ الٓمٓ ﴾|﹜ على وجه، وإشارة ﹛﴿ ذٰلِكَ ﴾|﹜ ومحسوسيته وبُعديته، والألف واللام في ﹛﴿ الْكِتَابُ ﴾|﹜ ، وتوجيه إثباته ب ﹛﴿ لَا رَيْبَ ف۪يهِ ﴾|﹜. فكلٌّ كما يُمد المقصدَ ويلقي إليه حصتَه يرمز ويشفّ من تحته عن ما يستند إليه من الدليل وإنْ دقّ.
فإن شئت تأمل في القَسَم ب ﹛﴿ الٓمٓ ﴾|﹜ إذ إنه كما يؤكّد، كذلك يُشعر بالتعظيم الموجّه للنظر الموجب لانكشاف ما تحته من اللطائف المذكورة ليبرهن على الدعوى المرموز إليها.
مقدمة
اعلم أن من أساس البلاغة الذي به يبرُق حُسن الكلام تجاوب الهيئات وتداعي القيود وتآخذها على المقصد الأصلي، وإمداد كلٍّ بقدْرِ الطاقة للمقصد، الذي هو كمجمَع الأودية أو الحوض المتشرب من الجوانب، بأن تكون مصداقاً وتمثالاً لما قيل:
مثلاً: تأمَّل في آيةِ ﹛﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ﴾|﹜ (12)المسوقةِ للتهويل، المستفادِ من التقليل بسرّ انعكاس الضدّ من الضد. أفلا ترى التشكيك في ﹛﴿ إنْ ﴾|﹜ كيف يمدّ التقليل، والمسّ بدل الإصابة في «مسّت» كيف يشير إلى القلّة والتروّح فقط، والمرّتّية والتحقير في جوهرِ وصيغةِ وتنوينِ ﹛﴿ نَفْحَةٌ ﴾|﹜ كيف تلوِّح بالقلّة، والبعضية في ﹛﴿ مِنْ ﴾|﹜ كيف تومئ إليها، وتبديل النَكال بال ﹛﴿ عَذَابِ ﴾|﹜ كيف يرمز إليها، والشفقةُ المستفادة من ال«ربّ» كيف تشير إليها، وقِس؟! فكلٌّ يُمد المقصدَ بجهته الخاصة. وقِس على هذه الآية أخواتِها. وبالخاصة ﹛﴿ الٓمٓ ❀ ذٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ف۪يهِ هُدًى لِلْمُتَّق۪ينَ ﴾|﹜ لأنَّ هذه الآية ذُكرت لمَدح القرآن وإثبات الكمال له.
ولقد تجاوبَ وتآخذ على هذا المقصد: القَسَم ب ﹛﴿ الٓمٓ ﴾|﹜ على وجه، وإشارة ﹛﴿ ذٰلِكَ ﴾|﹜ ومحسوسيته وبُعديته، والألف واللام في ﹛﴿ الْكِتَابُ ﴾|﹜ ، وتوجيه إثباته ب ﹛﴿ لَا رَيْبَ ف۪يهِ ﴾|﹜. فكلٌّ كما يُمد المقصدَ ويلقي إليه حصتَه يرمز ويشفّ من تحته عن ما يستند إليه من الدليل وإنْ دقّ.
فإن شئت تأمل في القَسَم ب ﹛﴿ الٓمٓ ﴾|﹜ إذ إنه كما يؤكّد، كذلك يُشعر بالتعظيم الموجّه للنظر الموجب لانكشاف ما تحته من اللطائف المذكورة ليبرهن على الدعوى المرموز إليها.
Yükleniyor...