﹛﴿ اِهْدِنَا ﴾|﹜

وجه النظم أنه جوابُ العبد عن سؤاله تعالى، كأنه يسأل: أيُّ مقاصدِكَ أعلَقُ بقلبك؟ فيقول العبد: ﹛﴿ اِهْدِنَا ﴾|﹜.

واعلم أن ﹛﴿ اِهْدِنَا ﴾|﹜ بسبب تعدُّد مراتبِ معانيه -بناءً على تنوّع مفعولِه إلى الهادين والمُستهدين والمستزيدين وغيرهم- كأنه مشتقٌّ من المصادر الأربعة لفِعل الهداية. ف ﹛﴿ اِهْدِنَا ﴾|﹜ باعتبار معشرٍ: «ثبّتنا»، وبالنظر إلى جماعةٍ: «زدنا»، وبالقياس إلى طائفةٍ: «وفّقنا»، وإلى فرقة: «أعْطنا».. وأيضا إن الله تعالى بحُكم ﹛﴿ اَعْطٰى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدٰى ﴾|﹜ (طه:٥.) هدانا بإعطاء الحواس الظاهرة والباطنة، ثم هدانا بنَصب الدلائل الآفاقية والأنفسية، ثم هدانا بإرسال الرسل وإنزال الكتب، ثم هدانا أعظمَ الهداية بكشف الحجاب عن الحقِّ فظهرَ الحقُّ حقاً والباطل باطلاً.

اللّهمَّ أرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ وَأرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ.


﹛﴿ الصِّرَاطَ الْمُسْتَق۪يمَ ﴾|﹜

اعلم أن الصراط المستقيم هو العدلُ الذي هو ملخّص الحكمة والعفّة والشجاعة اللاتي هي أوساطٌ للمراتب الثلاث للقوى الثلاث.

توضيحه: أنَّ الله عزّ وجلّ لما أسكن الروحَ في البدن المتحوِّل، المحتاج، المعروض للمهالك، أودعَ لإدامتها فيه قوىً ثلاثاً.

إحداها: القوةُ الشهوية البهيمية الجاذبة للمنافع.

وثانيتها: القوةُ الغضبية السَبُعية الدافعة للمضرّات والمخرِّبات.

وثالثتها: القوةُ العقلية المَلَكية المميِّزة بين النفع والضر.

لكنه تعالى -بحكمته المُقتضية لتَكمُّل البشر بسرِّ المسابقة- لم يُحدِّد بالفطرة تلك القوى كما حدّد قوى سائرِ الحيوانات، وإنْ حدَّدَها بالشريعة؛ لأنها تنهى عن الإفراط والتفريط وتأمر بالوَسط، يصدع عن هذا ﹛﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَٓا اُمِرْتَ ﴾|﹜ (هود:١١٢). وبعدمِ التحديدِ


Yükleniyor...