وأما لفظ ﹛﴿ كَفَرُوا ﴾|﹜ فاعلم أن الكفر ظلمةٌ تحصل من إنكار شيءٍ مما عُلِمَ ضرورةً مجيء الرسول عليه السلام به.

⦁ إن قلت: إنَّ القرآن من الضروريات وقد اختُلف في معانيه؟

قيل لك: إنَّ في كل كلام من القرآن ثلاث قضايا:

إحداها: «هذا كلامُ الله».

والثانية: «معناه المراد حق». وإنكار كلٍّ من هاتين كفرٌ.

والثالثة: «معناه المراد هذا»؛ فإنْ كان مُحْكَماً أو مفسّراً فالإيمان به واجب بعد الاطلاع، والإنكار كفر. وإن كان ظاهراً، أو نصاً يحتمل معنى آخر، فالإنكار بناءً على التأويل-دون التشهّي- ليس بكفر. (55)

ومثل الآية الحديثُ المتواتر؛ إلَّا أن في إنكار القضية الأولى من الحديث تأملاً. (56)

⦁ إن قلت: الكفرُ جهلٌ وفي التنزيل: ﹛﴿ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ اَبْنَٓاءَهُمْ ﴾|﹜ (البقرة:١٤٦) فما التوفيق؟

قيل لك: إنَّ الكفر قسمان:

جهليّ، يُنكِر لأنه لا يعلم. والثاني: جحوديٌّ تمرّديّ، يَعرِفُ لكنْ لا يَقبل، يتيقّن لكن لا يعتقد، يصدِّق لكن لا يذعن وجدانُه. فتأمل!

⦁ إن قلت: هل في قلب الشيطان معرفة؟

قيل لك: لا، إذ بحكم صنعته الفطرية يشتغل قلبُه دائماً بالإضلالِ، ويتصور عقلُه دائماً الكفرَ للتلقين فلا ينقطع هذا الشغلُ، ولا يزول ذلك التصوّر عن عقله حتى تتمكن فيه المعرفةُ.

⦁ إن قلت: الكفر صفةُ القلب فكيف كان شدّ الزُنّار -وقد قيس عليه «الشَّوْقَة»- (57)كفراً؟


Yükleniyor...