وأما جملة: ﴿ وَيَقْطَعُونَ مَٓا اَمَرَ اللّٰهُ بِه۪ٓ اَنْ يُوصَلَ ﴾ : فاعلم أن هذا الأمر عام للأمر التشريعيِّ والأمر التكوينيِّ المندمج في القوانين الفطرية والعادات الإلهية. فالقطعُ لِما أُمر بوصله شرعاً كقطع صلة الرحم، وقطع قلوب المؤمنين بعضٍ عن بعض. وعلى هذا القياس. وتكويناً كقطع العمل عن العلم، وقطعِ العلم عن الذكاء، وقطع الذكاء عن الاستعداد، وقطعِ معرفة الله عن العقل، وقطعِ السعي عن القوة، وقطعِ الجهاد عن الجسارة وهكذا.. إذ إعطاءُ القوةِ أمرٌ معنوي تكويني بالسعي، وإعطاءُ الذكاء أمر معنويّ بالعلم.. إلى آخره.
وأما جملة: ﴿ وَيُفْسِدُونَ فِي الْاَرْضِ ﴾ : فاعلم أن من فسدَ وتورّط في الوحَل يطلب أن يكون له رفقاءُ متورطون ليتخفف عنه دهشةُ الحال بسرِ «إذا عمّت البلية طابت»، وكذا إذا وقع في قلب أحدٍ اختلالٌ، يتخرّب في قلبه الكمالاتُ وتتساقط الحسياتُ العالية، فيتولد فيه ميلُ التخريب فينتج له لذة في التخريب فيتحرى لذتَه في الإفساد والاختلال.
⦁ فإن قلت: كيف يؤثر إفسادُ فاسق في عموم الأرض المشار إليه بلفظ «في الأرض»؟
قيل لك: الذي فيه نظام ففيه موازنة، حتى إن النظام مبنيٌ على الموازنة، فتداخل شيء حقير بين دواليب ماكينة تتأثر به، وإن لم يُحَس. والميزان الذي في كفتيه جبلان يتأثر بوضع جوزة على كفة.
Yükleniyor...