بنجومها في زُجَيْجَتها؟. وكيف يَقنع عقلُك بأن الأمر الوهميّ في الحقيقة المسمّى بالجاذب العموميّ علةٌ مؤثرة كخيط المنجنيق لإِمساك الأرض والنجوم وتحريكها وتدويرها بانتظام محكَم؟

الحاصل: أنَّ الإنسان إذا نظر نظراً سطحياً تبعيّاً إلى الأمر الباطل المُحال ولم يرَ العلة الحقيقية احتمل صحتُه عنده. إلّا أنه إذا نظر إليه قصداً وبالذات وتحرّاه مشترياً له لا يمكن أن يقبل شيئاً من تلك المسائل التي يطنطنون بها في الحكميات، إلّا أن يَتَبَلَّه بفرض عقلِ الحكماء وحِكمة السياسيّين في الذرّات.

⦁ إن قلت: فما الطبيعة والنواميس والقُوَى التي يدَمدمون بها ويسلّون أنفسهم بها؟ (140)

قيل لك: إنَّ الطبيعة مِسْطرٌ (141)لا مصدر.. ومطبعةٌ لا طابع.. وقوانين لا قوة. بل إنما هي شريعة فطرية إلهية أوقعت نظاماً بين أفعالِ أعضاءِ جسدِ عالَم الشهادة. كما أن الشريعة محصَّلُ وخلاصةُ قواعد الأفعال الاختيارية، ونظامُ الدولة مجموعُ الدساتير السياسية. فكما أن الشريعة والنظام أمران معقولان اعتباريان؛ كذلك الطبيعةُ أمرٌ اعتباريّ ملخَّصُ عادةِ الله الجارية في الخِلقة. وأما توهّم وجودها الخارجيّ فكتَوهّم الوحشي الذي يرى فرقةَ العسكر يتحركون بانتظام، وجودَ أمر خارجيّ ربط بينهم. فمن كان وجدانُه وحشياً يتخيل الطبيعة بسبب الاستمرار موجوداً خارجياً مؤثراً.

الحاصل: أنَّ الطبيعة صنعةُ الله تعالى وشريعتُه الفطرية. وأما نواميسُها فمسائلها. وأما قواها فأحكام تلك المسائل.

أما «دليل التوحيد» الذي أشار اليه ﹛﴿ اعْبُدُوا ﴾|﹜ على تفسير ابن عباس أي «وحِّدوا»، (142)فاعلم أن القرآن المعجزَ البيانِ ما ترك من دلائل التوحيد شيئاً. وما تضمنته آيةُ ﹛ ﴿ لَوْ كَانَ ف۪يهِمَٓا اٰلِهَةٌ اِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتَا ﴾|﹜ (الأنبياء:٢٢) من «برهان التمانع» دليلٌ كاف ومنار نيِّر على أن الاستقلال خاصة ذاتية ولازم ضروري للألوهية، ثم في هذه الآية رمز إلى دليل


Yükleniyor...