ووجود الحقائق النسبية للشيء. مثلاً: لو لم يوجد القبحُ ولم يتخلل بين الحُسن لَما تَظَاهَر وجودُ الحُسن بمراتبه الغيرِ (31)المتناهيةِ.

⦁ إن قلت: ما وجهُ تفاوتِ هذه الكلمات الثلاث: فعلاً، واسم مفعولٍ، واسمَ فاعلٍ، في ﹛﴿ اَنْعَمْتَ ﴾|﹜ و ﹛﴿ الْمَغْضُوبِ ﴾|﹜ و ﹛﴿ الضَّٓالّ۪ينَ ﴾|﹜ ؟ وأيضاً ما وجهُ التفاوت في ذكر صفةِ الفرقة الثالثة، وعاقبةِ الصفة في الفرقة الثانية، وعنوانِ صفة الفرقة الأولى باعتبار المآل؟

قيل لك: اختار عنوانَ النعمة؛ لأن النعمة لذةٌ تميل النفسُ إليها.. وفعلاً ماضياً للإشارة إلى أن الكريمَ المطلق شأنُه أن لا يَسترِدَّ ما يُعطي.. وأيضاً رمزٌ إلى وسيلة المطلوب بإظهار عادةِ المُنعم، كأنه يقول: لأن من شأنك الإنعامُ وقد أنعَمْتَ فأنْعِم عليّ.

أما ﹛﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ﴾|﹜ فالمراد منه الذين تجاوزوا بتجاوز القوةِ الغضبية فظلموا، وفَسقوا بترك الأحكام كتمرّد اليهود. ولما كان في نفس الفسق والظلم لذةٌ منحوسة وعزةٌ خبيثة لا تتنفّر منه النفسُ، ذَكَرَ القرآنُ عاقبتَه التي تُنَفِّر كلَّ نفْسٍ وهي نُزُولُ غضبِه تعالى.. واختار الاسم الذي من شأنه الاستمرار، إشارةً إلى أن العصيان والشر إنما يكون سمةً إذا لم ينقطع بالتوبة والعفو.

أمّا ﹛﴿ وَلَا الضَّٓالّ۪ينَ ﴾|﹜ فالمراد منه الذين ضلّوا عن الطريق بسبب غلبة الوَهم والهوى على العقل والوجدان، ووقعوا في النفاق بالاعتقاد الباطل كسَفسطة النصارى. اختار القرآنُ نفسَ صفتهم، لأن نفسَ الضلالة ألَمٌ يُنَفّر النفسَ، ويجتنب منه الروحُ وإن لم يرَ النتيجةَ.. واسماً لأن الضلالة إنما تكون ضلالة إذا لم تنقطع. (32)


Yükleniyor...