قيل لك: إنَّ الشريعة تعتبر بالأمارات على الأمور الخفية حتى أقامت الأسباب الظاهرية (58)مقام العِلل. ففي شدِّ الزُنَّار المانع بعضُ نوعِه عن إتمام الركوع، وإلباس «الشَوْقَة» المانعة عن تمام السجود علامة الاستغناء عن العبودية، والتشبّه بالكَفرة المومِئ باستحسانِ مسلكِهم وملّيتهم. فما دام لم يُقطَع بانتفاء الأمر الخفي يُحكَم بالأمر الظاهر.

⦁ إن قلت: إذا لم يُجْدِ الإنذارُ فلِمَ التكليفُ؟

قيل لك: لإلزام الحُجةِ عليهم. (59)

⦁ إن قلت: الإخبار عن تمرّدهم يستلزم امتناع إيمانهم فيكون التكليفُ بالمحال؟

قيل لك: إن الإخبارَ وكذا العلمُ والإرادةُ لا تتعلق بكُفرهم مستقلاً مقطوعاً عن السبب، بل إنما تتعلق بكفرهم باختيارهم. كما يأتيك تفصيلُه. ومن هنا يُقال: «الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار».

⦁ إن قلت: إيمانُهم بعدم إيمانهم (60)محالٌ عقليّ يشبه «الجذرَ الأصمَّ الكلاميّ»؟ (61)

قيل لك: إنهم ليسوا مكلّفين بالتفصيل حتى يلزم المحالُ.

ثم في إيراد ﹛﴿ كَفَرُوا ﴾|﹜ فعلاً ماضياً، إشارةٌ إلى أنهم اختاروا الكفر بعد تبيُّن الحقِّ فلذا لا يُفيدُ الإنذار.

وأما ﹛﴿ سَوَٓاءٌ ﴾|﹜ فمجازٌ عن: «إنذارُك كعدم الإنذار في عدم الفائدة أو في صحة الوقوع» أي لا موجبَ للإنذار ولا لعدمِه.

وأما ﹛﴿ عَلَيْهِمْ ﴾|﹜ ففيه إيماءٌ إلى أنهم أخلدوا إلى الأرض فلا يرفعون رؤوسَهم ولا


Yükleniyor...