وأما ﹛﴿ قُلُوبِهِمْ ﴾|﹜ قدَّمَه على السمع والبصر لأنه هو محلُّ الإيمان.. ولأن أولَ دلائل الصانع يتجلى من مشاورة القلبِ مع نفسه، ومراجعةِ الوجدان إلى فطرته، لأنه إذا راجع نفسَه يُحِسُّ بعَجزٍ شديد يُلجئه إلى نقطةِ استنادٍ، ويرى احتياجاً شديداً لتنمية آمالِه فيضطرّ إلى نقطةِ استمداد، ولا استنادَ ولا استمدادَ إلَّا بالإيمان.. ثم إن المرادَ بالقلب اللطيفةُ الربانيةُ التي مظهرُ حسيّاتِها الوجدانُ، ومَعكَس أفكارها الدماغُ، لا الجسمُ الصنوبريُّ. فإذاً في التعبير بالقلب رمزٌ إلى أن اللطيفةَ الربانيةَ لمعنويات الإنسان كالجسم الصنوبري لجسدِه. فكما أن ذلك الجسمَ ماكينةٌ حياتية تنشُر ماءَ الحياة لأقطار البدن، وإذا انسدّ وسكَنَ جمَد الجسدُ؛ كذلك تلك اللطيفةُ تنشُر نورَ الحياة الحقيقية لأقطار الهيئة المجسَّمة من معنوياته وأحواله وآماله. وإذا زال نورُ الإيمان -العياذ بالله- صارت ماهيتُه التي يصارع بها الكائنات كشَبَحٍ لا حراكَ به وأظلمَ عليه.
وأما ﹛﴿ وَعَلٰى سَمْعِهِمْ ﴾|﹜ كرّر ﹛﴿ عَلٰى ﴾|﹜ للإشارة إلى استقلال كلٍّ بنوعٍ من الدلائل. فالقلبُ بالدلائل العقلية والوجدانية. والسمعُ بالدلائل النقليةِ والخارجية، وللرمز إلى أن ختمَ السمعِ ليس من جنس ختمِ القلب.. ثم إن في أفراد السمع مع جمعِ جانبَيه إيجازاً ورموزاً إلى أن السمعَ مصدرٌ، لعدم الجَفن له.. وإلى أن المُسمِعَ فرد.. وأن المسموعَ للكلِّ فردٌ.. وأنه يُسمِعُ فرداً فرداً.. ولاشتراك الكلِّ كأن أسماعَهم بالاتصال صارت فرداً.. ولاتحاد الجماعة وتشخّصها يُتَخيّل لها سمعُ فردٍ.. وإلى إغناء سمعِ الفرد عن استماع الكلِّ فحقُّ السمع في البلاغة الإفرادُ.. لكن القلوبَ والأبصارَ مختلفةٌ متعلقاتُهما، ومتباينةٌ طرقُهُما، ومتفاوتةٌ دلائلهُما، ومعلِّمُهما على أنواع، وملقّنُهما على أقسام. فلهذا توسّط المُفرَدُ بين الجَمعَين. وعُقّب القلبُ بالسمع لأن السمعَ أبٌ لملَكاته، وأقربُ إليه، ونظيرُه في تساوي الجهات الست عنده.
وأما ﹛﴿ وَعَلٰٓى اَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾|﹜ فاعلم أن في تغيير الأسلوب باختيار الجملة الاسمية إشارةً إلى أن جِنانَ البصَر التي يُجتَنى منها دلائلُه ثابتةٌ دائمةٌ بخلاف حدائقِ السمع والقلب؛ فإنها متجدّدةٌ.. وفي إسناد الختم إلى الله تعالى دون الغشاوةِ إشارة إلى أن الختمَ جزاءُ كسبِهم، والغشاوة مكسوبةٌ لهم، ورمزٌ إلى أن في مبدأ السمع والقلب اختياراً، وفي مبدأ البصر اضطراراً، ومحل الاختيار غشاوةُ التعامي. وفي عنوان الغشاوة إشارةٌ إلى أن للعين جهةً واحدةً. وتنكيرُها
وأما ﹛﴿ وَعَلٰى سَمْعِهِمْ ﴾|﹜ كرّر ﹛﴿ عَلٰى ﴾|﹜ للإشارة إلى استقلال كلٍّ بنوعٍ من الدلائل. فالقلبُ بالدلائل العقلية والوجدانية. والسمعُ بالدلائل النقليةِ والخارجية، وللرمز إلى أن ختمَ السمعِ ليس من جنس ختمِ القلب.. ثم إن في أفراد السمع مع جمعِ جانبَيه إيجازاً ورموزاً إلى أن السمعَ مصدرٌ، لعدم الجَفن له.. وإلى أن المُسمِعَ فرد.. وأن المسموعَ للكلِّ فردٌ.. وأنه يُسمِعُ فرداً فرداً.. ولاشتراك الكلِّ كأن أسماعَهم بالاتصال صارت فرداً.. ولاتحاد الجماعة وتشخّصها يُتَخيّل لها سمعُ فردٍ.. وإلى إغناء سمعِ الفرد عن استماع الكلِّ فحقُّ السمع في البلاغة الإفرادُ.. لكن القلوبَ والأبصارَ مختلفةٌ متعلقاتُهما، ومتباينةٌ طرقُهُما، ومتفاوتةٌ دلائلهُما، ومعلِّمُهما على أنواع، وملقّنُهما على أقسام. فلهذا توسّط المُفرَدُ بين الجَمعَين. وعُقّب القلبُ بالسمع لأن السمعَ أبٌ لملَكاته، وأقربُ إليه، ونظيرُه في تساوي الجهات الست عنده.
وأما ﹛﴿ وَعَلٰٓى اَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾|﹜ فاعلم أن في تغيير الأسلوب باختيار الجملة الاسمية إشارةً إلى أن جِنانَ البصَر التي يُجتَنى منها دلائلُه ثابتةٌ دائمةٌ بخلاف حدائقِ السمع والقلب؛ فإنها متجدّدةٌ.. وفي إسناد الختم إلى الله تعالى دون الغشاوةِ إشارة إلى أن الختمَ جزاءُ كسبِهم، والغشاوة مكسوبةٌ لهم، ورمزٌ إلى أن في مبدأ السمع والقلب اختياراً، وفي مبدأ البصر اضطراراً، ومحل الاختيار غشاوةُ التعامي. وفي عنوان الغشاوة إشارةٌ إلى أن للعين جهةً واحدةً. وتنكيرُها
Yükleniyor...