أما تنوين ﹛﴿ رِزْقًا ﴾|﹜ فإشارة إلى أنه رزقٌ، مجهولٌ لكم أسبابُ حصوله، فيجيء من حيث لا يُحتسب.

أما ﹛﴿ لَكُمْ ﴾|﹜ فإشارة إلى تأكيد معنى الامتنان.. وأيضاً إيماءٌ إلى أن الرزق لأجلكم، فلا بأس من استفادة غيركم منه تبعاً.. وكذا رمز إلى أنه تعالى كما خصّكم بالنِعم فخُصّوه بالشكر.

أما نظم هيئات ﹛﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلّٰهِ اَنْدَادًا ﴾|﹜

فالفاء ينظر إلى الفقرات الأربعة: أي لأنه هو المعبود فلا تشركوا، ولأنه هو القادر المطلق والأرض والسماء في قبضته فلا تعتقدوا له شريكاً، ولأنه المُنعم فلا تشركوا في شكره، ولأنه هو خالقكم فلا تتخيلوا له شريكاً.

أما ﹛﴿ تَجْعَلُوا ﴾|﹜ بدل تعتقدوا فإشارة إلى معنىَ: ﹛﴿ اِنْ هِيَ اِلَّٓا اَسْمَٓاءٌ سَمَّيْتُمُوهَٓا ﴾|﹜ (النجم:٢٣) أي أسماء لا معنى لها، تتخيلون لها وجوداً بجعلكم.

أما تقديم ﹛﴿ لِلّٰهِ ﴾|﹜ فمع الاهتمام بجعله نُصبَ العين، إيماء إلى أن منشأ النهي كون الشريك لله.

أما ﹛﴿ اَنْدَادًا ﴾|﹜ فلفظ الندّ بمعنى المِثل، ومِثلُه تعالى يكون عينَ ضدِّه، وبينهما تضادٌّ، ففيه إيماء لطيف إلى أن الندّ بيّن البطلان بنفسه.. أما الجمعُ فإشارة إلى نهاية جهالة المشركين وإيماء إلى التهكّم بهم. أي كيف تجعلون لله الذي لا شبيه له بوجهٍ مّا جماعةً من أمثال وأضداد؟». وكذا رمز إلى ردِّ كل أنواع الشرك. أي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.. وتلويح إلى ردّ طبقات المشركين من الوثنيين والصابئين وأهل التثليث وأهل الطبيعة المعتقدين بالتأثير الحقيقي للأسباب.

تذييل: منشأ الوثنية والأصنام إما تأليهُ النجوم أو تخيّل الحلول أو توهّم الجسمية.

أما ﹛﴿ وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾|﹜ فمع أخواتها من الفواصل، إشارة إلى أن منشأ الإسلامية هو العلم وأساسُها العقل، فمن شأنه أن يقبل الحقيقةَ، ويردّ سفسطة الأوهام. ثم إنه أطنبَ بإيجازِ تركِ المفعول، أي ﹛﴿ وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾|﹜ أن لا معبودَ حقيقياً ولا خالق ولا قادر مطلقاً ولا منعم إلّا هو.. وكذا وأنتم تعلمون أن الآلهة والأصنام ليست بشيء، لا تقتدر على شيء، وأنها مخلوقة مجعولة تتخيلونها. فتدبّر!


Yükleniyor...