وإيثار العبد على «النبي» و«محمد» إشارةٌ إلى تعظيم النبي، وإيماءٌ إلى علو وصف العبادة، وتأكيدٌ لأمرِ ﹛﴿ اعْبُدُوا ﴾|﹜، ورمزٌ إلى دفع أوهامٍ بأن النبيّ عليه السلام أَعبدُ الناس وأكثرُهم تلاوةً للقرآن... فتفكَّرْ!

وأن جملة: ﹛﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه۪ ﴾|﹜ :

الأمرُ في ﹛﴿ فَأْتُوا ﴾|﹜ للتعجيز، وفيه التحدِّي والتقريعُ والدعوة إلى المعارضةِ والتجربةِ ليظهرَ عجزُهم.

ولفظ ﹛﴿ بِسُورَةٍ ﴾|﹜ إشارة إلى نهايةِ إفحامٍ، وشدّةِ تبكيتٍ، وغايةِ إلزامٍ؛ إذ:

أول طبقات التحدِّي هو: أن يُقال: فأتوا بمثل تمام القرآن بحقائقه وعلومِه وإخباراته الغيبية مع نظمه العالي من شخص أُمّي!

وثانيتها: أن يقال: إن لم تفعلوا كذا فأتوا بها مفترَياتٍ لكن بنظم بليغ مثله.

وثالثتها: أن يقال: إن لم تفعلوا هكذا أيضاً فأتوا بمقدار عشر سور.

ورابعتها: أنه إن لم تقتدروا عليه أيضاً فلا أقلّ من أن تأتوا بقدر سورة طويلة.

وخامستها: أنه إن لم يتيسر لكم هذا أيضاً فأتوا بمقدار سورةٍ مطلقاً ولو أقصر ك ﹛﴿ اِنَّٓا اَعْطَيْنَاكَ ﴾|﹜ من شخص أُميّ مثله.

وسادستها: أنه إن لم يمكنكم الإِتيان من أُميّ فأتوا من عالم ماهر وكاتب حاذق.

وسابعتها: أنه إن تعسّر عليكم هذا أيضاً فليعاون بعضكم بعضاً على الإتيان.

وثامنتها: أنه إن لم تفعلوا فاستعينوا بكافة الإِنس والجن واستمِدوا من مجموع نتائج تلاحق أفكارهم من آدم إلى قيام الساعة. ونتائجُ أفكارهم هي ما بين أيديكم من هؤلاء الكتب على الأسلوب العربي مع شوقِ التقليد وعنادِ المعارضة؛ ففضلاً عن أهل التحقيق لو تصفّحها مَنْ له أدنى مُسكَةٍ -ولو جاهلاً-، لقال: ليس فيها مثلُه. فإما هو تحت الكلِّ وهو باطل بالاتفاق، وإما فوق الكلِّ وهو المطلوب كما مرَّ آنفاً. نعم، لم يعارَض في ثلاثة عشر عصراً، هكذا مرّ الزمان، وهكذا يمرّ إلى يوم القيامة.


Yükleniyor...