أما «الاسم» فاعلم أن لله أسماءً ذاتية، وأسماءً فعلية متنوعة كالغفار والرزاق والمحيي والمميت وأمثالِها. وتنوّعُها وتكثُّرها بسبب تعدد نسبة القدرة الأزلية إلى أنواع الكائنات. (7)فكأن ﹛﴿ بِسْمِ اللّٰهِ ﴾|﹜ استنزالٌ لتأثير وتعلّق القدرةِ ليكون ذلك التعلّقُ روحاً مُمدّاً لكسب العبد.

﹛﴿ اللّٰهِ ﴾|﹜ لفظةُ الجلال نسخةٌ جامعة لجميع الصفات الكمالية لدلالتها التزاماً عليه؛ بسر استلزام ذاتِه تعالى لصفاته بخلاف سائر الأعلام، لعدم الاستلزام.

﹛﴿ اَلرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ ﴾|﹜

وجهُ النظم أنَّ لفظ الجلال كما يتجلى منه الجلالُ بسلسلته، كذلك يتراءى الجمالُ بسلسلته من ﹛﴿ اَلرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ ﴾|﹜ ، إذ الجلال والجمال أصلان تَسلسلَ منهما -بتجليهما في كل عالَم- فروعٌ كالأمر والنهي، والثواب والعذاب، والترغيب والترهيب، والتسبيح والتحميد، والخوف والرجاء إلى آخره..

وأيضا كما أن لفظَ الجلال إشارةٌ إلى الصفات العينية والتنزيهية؛ كذلك ﹛﴿ الرَّح۪يمِ ﴾|﹜ إيماءٌ إلى الصفات الغيرية الفعلية؛ و ﹛﴿ اَلرَّحْمٰنِ ﴾|﹜ رمزٌ إلى الصفات السبع التي هي لا عينٌ ولاغيرٌ؛ إذ ﹛﴿ اَلرَّحْمٰنِ ﴾|﹜ بمعنى الرزاق، وهو عبارة عن إعطاء البقاء. والبقاءُ تكرُّرُ الوجود. والوجودُ يستلزم صفةً مُمَيِّزةً وصفةً مُخَصِّصَةً وصفةً مُؤَثِّرَةً، وهي العلمُ والإرادةُ والقدرةُ. والبقاء الذي هو ثمرةُ إعطاء الرزق يقتضي عُرفاً ثبوتَ البصر والسمع والكلام؛ إذ لابدّ للرزّاق من البصر ليرى حاجةَ المرزوق إن لم يَطلب، ومن السمع ليستمع كلامَه إن طلب، ومن الكلام ليتكلم مع الواسطة إن كانت. وهذه الستُّ تستلزم السابعةَ التي هي الحياةُ.

⦁ إن قلت: تذييل ﹛﴿ اَلرَّحْمٰنِ ﴾|﹜ الدالّ على النِعَمِ العظيمة ب ﹛﴿ الرَّح۪يمِ ﴾|﹜ الدالِّ على النِعم الدقيقة يكون صنعةَ التدلّي، والبلاغةُ في صنعة الترقِّي من الأدنى إلى الأعلى؟

قلت: تذييلٌ للتتميم كالأهداب للعين واللجام للفرس.. وأيضا لمّا توقفت العظيمةُ على الدقيقة، كانت الدقيقةُ أرقى كالمفتاح للقفل واللسان للروح.. وأيضا لما كان هذا المقامُ مقامَ التنبيه على مواقع النِعَمِ كان الأخفى أجدرَ بالتنبيه، فيكون صنعةُ التدلِّي في مقام الامتنانِ والتعدادِ صنعةَ الترقِّي في مقام التنبيه.

Yükleniyor...