﹛﴿ اَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَٓاءِ ف۪يهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ اَصَابِعَهُمْ ف۪ٓي اٰذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللّٰهُ مُح۪يطٌ بِالْكَافِر۪ينَ ١٩ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ اَبْصَارَهُمْ كُلَّمَٓا اَضَٓاءَ لَهُمْ مَشَوْا ف۪يهِ وَاِذَٓا اَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواۜ وَلَوْ شَٓاءَ اللّٰهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَاَبْصَارِهِمْ اِنَّ اللّٰهَ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ قَد۪يرٌ٢٠ ﴾|﹜

اعلم أن مدار النظر في هذه الآية أيضاً من ثلاثة وجوه: نظمُها بسابقتها، والنظمُ بين جملها، ثم النظر بين هيئات جملةٍ جملةٍ. مثلُها في الارتباط كمثل الأميال العادّة للساعات والدقائق والثواني.

أما وجه النظم بينها وبين سابقتها فهو: أنه كرّر التمثيلَ وأطنب في التصوير، إشارة إلى احتياج تصوير حال المنافقين في دهشتهم وحيرتهم إلى نوعين منه، إذ:

خلاصة التمثيل الأول هي: أن المنافق يرى نفسَه في صحراء الوجود منفردةً عن الأصحاب، مطرودةً عن جمعية الكائنات، خارجةً عن حُكم شمس الحقيقة. يصير كلُّ شيء في نظره معدوماً ويرى المخلوقات أجنبية كلَّها، ساكنةً وساكتة، استولى عليها الوحشةُ والخمود. وأين هذا من حال المؤمن الذي يرى بنور الإيمان كلَّ الموجودات أحبّاءه ويستأنس بكل الكائنات؟.

وخلاصة التمثيل الثاني هي: أن المنافق يظن أن العالَم بأجزائه ينعى عليه بمصائبه ويهدده ببلاياه ويصيح عليه بحادثاته ويحيط به بنوازله، كأن الأنواع اتفقوا على عداوته فانقلب النافعُ ضاراً. وما هذه الحالة إلا لعدم نقطتي الاستمداد والاستناد كما مرَّ.

وأين هذا من حال المؤمن الذي يسمع بالإيمان تسبيحاتِ الكائنات وتبشيراتِها؟

وأيضاً تكرارُ التمثيل إيماء إلى انقسام المنافقين إلى الطبقة السفلية العامية المناسِبة للتمثيل الأول، وإلى الطبقة المتكبرة المغرورة الموافقة للتمثيل الثاني.

وأما مناسبة هذا التمثيل لمقامه بالنظر إلى السامع فهي أن الصف الأول من مخاطبي


Yükleniyor...