أما تقديم ﹛﴿ لَكُمُ ﴾|﹜ فإشارة إلى أن تفريش الأرض لأجل الإنسان، لا أن المفترِش والمستفيد هو الإنسان فقط، حتى يكون الزائدُ عبثاً، فتأمل!
وأما ﹛﴿ فِرَاشًا ﴾|﹜ فإشارة إلى نكتة البلاغة التي هي نقطة الغرابة، وهي قيدُ «مع اقتضاء طبعها الانغماس في الماء».. وإيماء إلى أن التفريش بالجَعل خلاف الطبيعة؛ إذ مقتضى طبيعة الكرة استيلاء الماء عليها وإحاطته بها، فالصانع بحكمته ومرحمته أَظهر قسماً منها وفرشه ووضع عليه مائدة نِعَمه.. وكذا تنبيه -بقاعدةِ: «إذا ثبت الشيءُ ثبت بلوازمه»- إلى أن الأرض كأرض البيت مبسوطة، فأنواع النباتات والحيوانات فيها كأساسات البيت إنما وضعت بقصدٍ وحكمةٍ.. وكذا إيماء إلى أن الأرض توسطت بقصدٍ وحكمة بين المائع الذي لا يتمسك عليه الأقدام، وبين الصلب الشديد الذي لا يقبل الاستفادة والزراعة فيكون عبثاً، ولو كان ذهباً. فبالتوسط إشارة إلى أنه بتخصيصِ وجعلِ وقصدِ حكيم.
أما ﹛﴿ وَالسَّمَٓاءَ بِنَٓاءً ﴾|﹜ فإشارة إلى أنه تعالى لما جعل لكم السماء سقفاً وبناءً صارت نجومُها قناديل لكم، فلا يُتوهم التصادف في تفريق تلك القناديل وانتشارِها كما يُتوهم التصادف في وضعية الجواهر التي تُرمى على الأرض منتثرة.
اعلم أن في هذه الآية إشارة ورمزاً وإيماء إلى سرّ عجيب دقيق غال وهو:
إن قلت: إنَّ الإنسان ذرة بالنسبة إلى أرضه، وأرضُه ذرة بالنسبة إلى الكائنات. وكذا فردُه ذرة (150)إلى نوعه، ونوعُه ذرة بالنسبة إلى شركائه في الاستفادة في هذا البيت العالي. وكذا جهةُ استفادة البشر بالنسبة إلى فوائدِ وغايات هذا البيت ذرة، والغايات التي تُحِسّ بها العقولُ ذرةٌ بالنسبة إلى فوائده في الحكمة الأزلية والعلم الإلهي، فكيف جُعِل العالمُ مخلوقاً لأجل البشر واستفادتُه علةً غائية؟.
قيل لك: نعم، ولكن مع كلِّ ما مرّ؛ لأجل وُسعة روح الإنسان وتبسّطِ عقله وانبساطِ استعداده وكثرةِ وانتشار استفادته من الكائنات.. وأيضاً لأجل عدم المزاحمة والتجزي والمدافعة في جهة الاستفادة كنسبة الكلّي إلى جزئياته -إذ الكلّي بتمامه موجود في كلٍ مِن جزئياته لا مزاحمةَ ولا تجزّيَ- جَعَل القرآنُ جهةَ استفادة البشر التي هي غايةٌ فذّة من ألوفِ
وأما ﹛﴿ فِرَاشًا ﴾|﹜ فإشارة إلى نكتة البلاغة التي هي نقطة الغرابة، وهي قيدُ «مع اقتضاء طبعها الانغماس في الماء».. وإيماء إلى أن التفريش بالجَعل خلاف الطبيعة؛ إذ مقتضى طبيعة الكرة استيلاء الماء عليها وإحاطته بها، فالصانع بحكمته ومرحمته أَظهر قسماً منها وفرشه ووضع عليه مائدة نِعَمه.. وكذا تنبيه -بقاعدةِ: «إذا ثبت الشيءُ ثبت بلوازمه»- إلى أن الأرض كأرض البيت مبسوطة، فأنواع النباتات والحيوانات فيها كأساسات البيت إنما وضعت بقصدٍ وحكمةٍ.. وكذا إيماء إلى أن الأرض توسطت بقصدٍ وحكمة بين المائع الذي لا يتمسك عليه الأقدام، وبين الصلب الشديد الذي لا يقبل الاستفادة والزراعة فيكون عبثاً، ولو كان ذهباً. فبالتوسط إشارة إلى أنه بتخصيصِ وجعلِ وقصدِ حكيم.
أما ﹛﴿ وَالسَّمَٓاءَ بِنَٓاءً ﴾|﹜ فإشارة إلى أنه تعالى لما جعل لكم السماء سقفاً وبناءً صارت نجومُها قناديل لكم، فلا يُتوهم التصادف في تفريق تلك القناديل وانتشارِها كما يُتوهم التصادف في وضعية الجواهر التي تُرمى على الأرض منتثرة.
اعلم أن في هذه الآية إشارة ورمزاً وإيماء إلى سرّ عجيب دقيق غال وهو:
إن قلت: إنَّ الإنسان ذرة بالنسبة إلى أرضه، وأرضُه ذرة بالنسبة إلى الكائنات. وكذا فردُه ذرة (150)إلى نوعه، ونوعُه ذرة بالنسبة إلى شركائه في الاستفادة في هذا البيت العالي. وكذا جهةُ استفادة البشر بالنسبة إلى فوائدِ وغايات هذا البيت ذرة، والغايات التي تُحِسّ بها العقولُ ذرةٌ بالنسبة إلى فوائده في الحكمة الأزلية والعلم الإلهي، فكيف جُعِل العالمُ مخلوقاً لأجل البشر واستفادتُه علةً غائية؟.
قيل لك: نعم، ولكن مع كلِّ ما مرّ؛ لأجل وُسعة روح الإنسان وتبسّطِ عقله وانبساطِ استعداده وكثرةِ وانتشار استفادته من الكائنات.. وأيضاً لأجل عدم المزاحمة والتجزي والمدافعة في جهة الاستفادة كنسبة الكلّي إلى جزئياته -إذ الكلّي بتمامه موجود في كلٍ مِن جزئياته لا مزاحمةَ ولا تجزّيَ- جَعَل القرآنُ جهةَ استفادة البشر التي هي غايةٌ فذّة من ألوفِ
Yükleniyor...