اعلم أن ههنا مباحث أربعة:
المبحث الأول
إن الإعجاز قد تنفّس من أُفق ﴿ الٓمٓ ﴾ لأن الإعجاز نورٌ يتجلى من امتزاج لمعات لطائف البلاغة. وفي هذا المبحث لطائفُ، كلٌّ منها وإنْ دقَّ لكنّ الكلَّ فجرٌ صادق.
منها: أنَّ ﴿ الٓمٓ ﴾ مع سائر أخواتها في أوائل السور تُنصّف كلَّ الحروف الهجائية التي هي عناصر كلِّ الكلمات. فتأمل!
ومنها: أنَّ النصف المأخوذ أكثر استعمالاً من المتروك.
ومنها: أنَّ القرآن كرّر من المأخوذ ما هو أيْسَرُ على الألسنة كالألف واللام.
ومنها: أنه ذكر المقطّعات في رأس تسعٍ وعشرين سورة عدّة الحروف الهجائية. (5)
ومنها: أن النصف المأخوذ ينصّف كلَّ أزواج أجناسِ طبائع الحروف، من المهموسة والمجهورة والشديدة والرخوة والمستعلية والمنخفضة والمنفتحة وغيرها، وأما الأوتارُ فمن الثقيل القليل كالقلقلة؛ ومن الخفيف الكثير كالذلّاقة. (6)
ومنها: أن النصفَ المأخوذ من طبائعها ألطفُ سجيةً.
ومنها: أن القرآن اختار طريقاً في المقطّعات من بين أربعة وخمسمائة احتمال، لا يمكن تنصيفُ طبائع الحروف إلا بتلك الطريق، لأن التقسيمات الكثيرة متداخلةٌ ومشتبكة ومتفاوتة. ففي تنصيف كلٍّ غرابةٌ عجيبة.
Yükleniyor...