حذا حذوَ الواقع، وطابق نظمُه نظامَه حازَ الجزالةَ بحذافيرها. وإلّا فإنْ توجَّه إلى نظم اللفظ وقعَ في التصنّع والرياء، كأنه يقع في أرض يابسة وسراب خادع.
والسرّ في الانحراف عن طبيعة البلاغة أنه: لما انجذب واستعرب العجمُ بجاذبة سلطنة العرب صارت صنعةُ اللفظ عندهم أهمَّ، وفسد بالاختلاط مَلَكةُ الكلام المُضَريّ التي هي أساسُ بلاغة القرآن، وتلوَّن مَعكِسُ أساليب القرآن؛ وإنما معدنها من حسّيات قوم «مُضَر» ومزاجهم. فاستهوى حبُّ اللفظ كثيراً من المتأخرين.
تذييل: تزيينُ اللفظ إنما يكون زينةً إذا اقتضته طبيعةُ المعاني. وشعشعةُ صورة المعنى إنما تكون حشمةً له إذا أذِن به المآلُ. وتنويرُ الأسلوب إنما يكون جزالةً إذا ساعده استعدادُ المقصود. ولطافةُ التشبيه إنما تكون بلاغةً إذا تأسّست على مناسبة المقصود وارتضى به المطلوبُ. وعظمةُ الخيال وجولانُه إنما تكون من البلاغة إذا لم تؤلِم الحقيقةَ ولم تثقُل عليها، ويكون الخيال مثالاً للحقيقة متَسَنْبِلاً عليها. وإن شئت الأمثلة الجامعة لتلك الشرائط فعليك بتلك الآيات التمثيلية المذكورة قبل المقدمة.
المسألة الثانية
إنَّ السحر البياني إذا تجلّى في الكلام صيّرَ الأعراض جواهرَ، والمعانيَ أجساماً، والجماداتِ ذواتِ أرواحٍ والنباتاتِ عقلاءَ، فيوقِع بينها محاورةً قد تنجرّ إلى المخاصمة، وقد تُوصل إلى المطايبة فترقُص الجماداتُ في نظر الخيال.
وإن شئت مثالاً فادخُل في هذا البيت:
يُنَاجِينيَ الإِخْلَافُ مِنْ تَحْتِ مَطْلِهِ فَتَخْتَصِمُ الآمَالُ وَالْيَأْسُ في صَدْرِي (110)
أو استمع معاشقةَ الأرض مع المطر في:
تَشَكَّى الأَرضُ غَيْبَتَهُ إلَيْهِ وَ تَرْشُفُ مَاءَهُ رَشْفَ الرُضابِ (111)
فهذه الصورة إنما تسنبلت على تصوّت الأرضِ اليابسة بنزول المطر بعد تأخّرٍ. ولابد في
والسرّ في الانحراف عن طبيعة البلاغة أنه: لما انجذب واستعرب العجمُ بجاذبة سلطنة العرب صارت صنعةُ اللفظ عندهم أهمَّ، وفسد بالاختلاط مَلَكةُ الكلام المُضَريّ التي هي أساسُ بلاغة القرآن، وتلوَّن مَعكِسُ أساليب القرآن؛ وإنما معدنها من حسّيات قوم «مُضَر» ومزاجهم. فاستهوى حبُّ اللفظ كثيراً من المتأخرين.
تذييل: تزيينُ اللفظ إنما يكون زينةً إذا اقتضته طبيعةُ المعاني. وشعشعةُ صورة المعنى إنما تكون حشمةً له إذا أذِن به المآلُ. وتنويرُ الأسلوب إنما يكون جزالةً إذا ساعده استعدادُ المقصود. ولطافةُ التشبيه إنما تكون بلاغةً إذا تأسّست على مناسبة المقصود وارتضى به المطلوبُ. وعظمةُ الخيال وجولانُه إنما تكون من البلاغة إذا لم تؤلِم الحقيقةَ ولم تثقُل عليها، ويكون الخيال مثالاً للحقيقة متَسَنْبِلاً عليها. وإن شئت الأمثلة الجامعة لتلك الشرائط فعليك بتلك الآيات التمثيلية المذكورة قبل المقدمة.
المسألة الثانية
إنَّ السحر البياني إذا تجلّى في الكلام صيّرَ الأعراض جواهرَ، والمعانيَ أجساماً، والجماداتِ ذواتِ أرواحٍ والنباتاتِ عقلاءَ، فيوقِع بينها محاورةً قد تنجرّ إلى المخاصمة، وقد تُوصل إلى المطايبة فترقُص الجماداتُ في نظر الخيال.
وإن شئت مثالاً فادخُل في هذا البيت:
يُنَاجِينيَ الإِخْلَافُ مِنْ تَحْتِ مَطْلِهِ فَتَخْتَصِمُ الآمَالُ وَالْيَأْسُ في صَدْرِي (110)
أو استمع معاشقةَ الأرض مع المطر في:
تَشَكَّى الأَرضُ غَيْبَتَهُ إلَيْهِ وَ تَرْشُفُ مَاءَهُ رَشْفَ الرُضابِ (111)
فهذه الصورة إنما تسنبلت على تصوّت الأرضِ اليابسة بنزول المطر بعد تأخّرٍ. ولابد في
Yükleniyor...