وأما جملة: ﹛﴿ اُو۬لٰٓئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾|﹜ : فاعلم أن حق العبارة «هم خاسرون في عدم الهداية به» فلفظ ﹛﴿ اُو۬لٰٓئِكَ ﴾|﹜ ولفظ ﹛﴿ هُمُ ﴾|﹜ والتعريفُ والإطلاقُ لنكت:

أما ﹛﴿ اُو۬لٰٓئِكَ ﴾|﹜ فلأن وضعَه لإِحضار محسوسٍ، فالإِحضار المستفاد منه إشارة إلى أن السامع إذا سمع حالَهم الخبيثة، من شأنه أن يحصل له حدّةٌ عليهم ونفرةٌ منهم. فلتطمين نفرته وتشفّي حدّتِه يطلب أن يُستحضَروا إلى خياله ليشاهدهم وقت اتصافهم بالعاقبة الوخيمة.. والمحسوسيةُ إشارة إلى أن أوصافَهم الرذيلة تكثّرت بدرجة تُجسّمُهم محسوسين نصبَ نظر النفرة. فمن الإِشارة إيماء إلى علة الحكم بالخسارة.. والبُعدية إشارة إلى أنهم قد بعدوا عن طريق الحق بدرجة لا يرجعون، فيستحقون الذم والتشنيع بخلاف من كان في معرض الندامة ومسافة الرجوع.

و ﹛﴿ هُمُ ﴾|﹜ إشارة إلى أن الخسارة منحصرةٌ عليهم حتى إن خسارات المؤمنين لبعض اللذائذ الدنيوية ليست خسارة. وكذا خسارات أهل الدنيا في تجاراتهم ليست خسارة بالنسبة إلى خساراتهم.

و«الألف واللام» إشارة إلى تصوير الحقيقة أي مَن أراد أن يرى حقيقة الخاسرين فلينظر إليهم.. وكذا إيماء إلى أن مسلكَهم محضُ خسارة لا كالخسارات الأُخر التي فيها وجوهٌ من النفع لكن الضرَّ أكثر. فالتعريف إما للكمال أو للبداهة أو لتصوير الحقيقة.

وإطلاق الخسارة إشارة -بإعانة المقام الخطابيّ- إلى عموم أنواع الخسارات، أي خسروا في وفاء العهد بالنقض، وفي صلة الرحم بالقطيعة، وفي الإصلاح بالإفساد، وفي الإيمان بالكفر، وبالشقاوة خسروا السعادة الأبدية.

∗ ∗ ∗



Yükleniyor...