وأما جملةُ ﹛﴿ وَمَا يُضِلُّ بِه۪ٓ اِلَّا الْفَاسِق۪ينَ ﴾|﹜ : فاعلم أنه لما ذكر الكثير في الأولى دفع الوسوسة والخوف والتردد وتهمة النقص في القرآن ببيانِ أن الضالين مَن هم؟ وأن منشأ الضلالة فسقُهم، وأن سببَها كسبُهم، وأن القصورَ منهم لا من القرآن، وأن خلق الضلالة جزاءٌ لفعلهم..
ثم اعلم أن كل واحدة من هذه الجمل كما أنها كشّافةٌ لسابقتها؛ كذلك مفسَّرةٌ بلاحقتها كأنها دليل للسابقة نتيجة للاحقة.
وإيضاحه: أن فيها سلسلتين.
إحداها هكذا: إنه لا يستحيي.. لأنه لا يترك.. لأنه بليغ.. لأنه حق.. لأنه كلام الله.. لأن المؤمن يعلمه.
والثانية هكذا: إنه لا يستحيي كما يقول المنكِرُ.. لأنهم يقولون: يلزم تركه.. لأنهم لا يعلمون حكمتَه.. لأنهم يقولون: ما الفائدة فيه.. لأنهم ينكرونه.. لأنهم يستحقرونه.. لأنهم يقعون في الضلالة بسماعه.. لأنهم يضلّهم القرآن.. لأنهم هم الذين فسقوا وخرجوا عن قشرهم.. لأنهم نقضوا عهد الله.. لأنهم مزّقوا ما اتصل بأمر التكوين والتشريع.. لأنهم يفسدون النظام الإلهيّ في الأرض. فإذن هم الخاسرون في الدنيا باضطراب الوجدان، وبقلق القلب، وبتوحش الروح، وفي الآخرة بالعذاب الأبديّ وبغضب الله... فتأمل في سلاسة السلسلتين!
وأما هيئات جملةِ ﹛﴿ اَلَّذ۪ينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ م۪يثَاقِه۪ وَيَقْطَعُونَ مَٓا اَمَرَ اللّٰهُ بِه۪ٓ اَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْاَرْضِ ﴾|﹜ : فاعلم أن توصيف الفاسقين المشكِكين في إعجازه ونظمه بهذه الأوصاف في هذا المقام، إنما هو لمناسبةٍ لطيفةٍ عاليةٍ. كأن القرآن يقول: ليس ببعيد من الفساق -الذين لم يروا إعجاز القدرة في نظام الكائنات التي هي القرآن الأكبر- أن يترددوا ويجهلوا إعجاز نظم القرآن؛ إذ كما يرون نظام الكائنات تصادفياً، والتحولاتِ المثمرةَ عبثاً اتفاقيةً فتستر عنهم -لفساد روحهم- حِكَمُه؛ كذلك بفطرتهم السقيمة وتهوّسهم الفاسد رأوا النظْمَ المعجِز مشوَّشاً ومقدماتِه عقيمةً وثمراتِه مُرّةً.
ثم اعلم أن كل واحدة من هذه الجمل كما أنها كشّافةٌ لسابقتها؛ كذلك مفسَّرةٌ بلاحقتها كأنها دليل للسابقة نتيجة للاحقة.
وإيضاحه: أن فيها سلسلتين.
إحداها هكذا: إنه لا يستحيي.. لأنه لا يترك.. لأنه بليغ.. لأنه حق.. لأنه كلام الله.. لأن المؤمن يعلمه.
والثانية هكذا: إنه لا يستحيي كما يقول المنكِرُ.. لأنهم يقولون: يلزم تركه.. لأنهم لا يعلمون حكمتَه.. لأنهم يقولون: ما الفائدة فيه.. لأنهم ينكرونه.. لأنهم يستحقرونه.. لأنهم يقعون في الضلالة بسماعه.. لأنهم يضلّهم القرآن.. لأنهم هم الذين فسقوا وخرجوا عن قشرهم.. لأنهم نقضوا عهد الله.. لأنهم مزّقوا ما اتصل بأمر التكوين والتشريع.. لأنهم يفسدون النظام الإلهيّ في الأرض. فإذن هم الخاسرون في الدنيا باضطراب الوجدان، وبقلق القلب، وبتوحش الروح، وفي الآخرة بالعذاب الأبديّ وبغضب الله... فتأمل في سلاسة السلسلتين!
وأما هيئات جملةِ ﹛﴿ اَلَّذ۪ينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ م۪يثَاقِه۪ وَيَقْطَعُونَ مَٓا اَمَرَ اللّٰهُ بِه۪ٓ اَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْاَرْضِ ﴾|﹜ : فاعلم أن توصيف الفاسقين المشكِكين في إعجازه ونظمه بهذه الأوصاف في هذا المقام، إنما هو لمناسبةٍ لطيفةٍ عاليةٍ. كأن القرآن يقول: ليس ببعيد من الفساق -الذين لم يروا إعجاز القدرة في نظام الكائنات التي هي القرآن الأكبر- أن يترددوا ويجهلوا إعجاز نظم القرآن؛ إذ كما يرون نظام الكائنات تصادفياً، والتحولاتِ المثمرةَ عبثاً اتفاقيةً فتستر عنهم -لفساد روحهم- حِكَمُه؛ كذلك بفطرتهم السقيمة وتهوّسهم الفاسد رأوا النظْمَ المعجِز مشوَّشاً ومقدماتِه عقيمةً وثمراتِه مُرّةً.
Yükleniyor...